شدد عضو الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي الخارج ورئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني، زاهر بيراوي، على أنّ التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، يمثل خيانة للقضية الفلسطينية ولدماء الشهداء والمناضلين الذين ما زالوا يقدمون الغالي والنفيس من أجل تحرير الأرض الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وأكد بيراوي في حديث لـ"فلسطين"، أنّ موجة التطبيع الحالية تأتي في سياق الضغط الأمريكي لفرض ما تسمى "صفقة القرن" التي تستهدف تجاوز القضية الفلسطينية وتأجيل حلها لصالح خطة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الرامية للتطبيع الكامل والعلني مع الدول العربية، ومن ثم التفكير بما يمكن تقديمه للفلسطينيين من فتات وإلزامهم بقبول ذلك تحت ضغط تلك الدول العربية المطبعة.
ولفت إلى أن الدول العربية تطبع وتتحالف مع دولة الاحتلال تحت مبررات واهية في مقدمتها التعاون للوقوف في وجه إيران باعتبارها -كما يسوقون- خطرا وتهديدا أكبر من خطر الاحتلال ومن الهيمنة الأمريكية على الأمة ومقدراتها.
ونبه إلى أنّ التطبيع وخاصة الفلسطيني منه، بالإضافة لكونه "عارا وخيانة وطنية"، فهو يشكل تحديا كبيرا ومعوقا لعمل المنظمات الدولية التضامنية وخاصة حملات المقاطعة.
وأكد أنّ التطبيع الفلسطيني المندرج في اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي والسياسي بين السلطة في رام الله والاحتلال يحرج العاملين في حملات المقاطعة ويضعف موقعهم ويجعلهم لقمة سائغة للقوى الخادمة لدولة الاحتلال في العالم، وهدفا سهلا لمجموعات الضغط الإسرائيلية (اللوبيات) المرتبطة بوزارة الشؤون الإستراتيجية في (تل أبيب).
وأكد بيراوي أن "نتنياهو" ومن معه من التحالف الإسرائيلي المتطرف باتوا يتفاخرون بإنجاز التطبيع مع الدول العربية، فيما يستثمرونه في حملاتهم الانتخابية الحالية.
ونبه إلى وجود مستفيد آخر من هذا التطبيع وهو الحكام الذين لا شرعية شعبية لهم ولا تحترمهم شعوبهم، ويستمدون شرعيتهم وقوتهم في البقاء على مقاعد الحكم بدعم من دولة الاحتلال وحلفائها ورعاتها في البيت الأبيض أو في بعض العواصم الأوروبية ذات التاريخ الاستعماري لبلادنا، والتي ترتبط مصالحها ببقاء دولة الاحتلال هي المهيمنة في الشرق الأوسط.
وأضاف: "كل من يتابع التجارب السابقة في التطبيع مع الاحتلال عبر معاهدات السلام يدرك بلا أدنى شك أن هذه المعاهدات لا تعود على شعوب المنطقة بأي خير، بل هي على العكس تسهل محاولات الاختراق الصهيوني لتلك المجتمعات ثقافيا وسياسيا وأمنيا".
وشدد بيراوي على أنّ اتفاقية أوسلو وملحقاتها ونهج التطبيع والمفاوضات العبثية كانت وما زالت الجسر الذي عبر عليه كل المطبعين على المستوى الرسمي والشعبي في العالم بشكل عام وفِي المنطقة العربية والإسلامية بشكل خاص.
ورأى بيراوي أن الخطوة الأولى تجاه تكوين حالة عربية فلسطينية ضاغطة لوقف مسار التطبيع، يتطلب تراجع السلطة الفلسطينية "عن هذا الانحدار في العلاقة مع سارق الارض الذي يحتل المقدسات ويمارس أبشع أشكال الاضطهاد والعنصرية بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة".
ونبه إلى أن الخطوة الأولى في تراجع السلطة تتمثل في تطبيق مقررات المجلس المركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي يعد مطلبا شعبيا وفصائليا مُلحاً، إلى جانب قيامها بنفسها أو من خلال الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني بحملات التوعية بأهمية سلاح المقاطعة في وجه الاحتلال، ومقاومة التطبيع بجميع أشكاله.
وأكد بيراوي أنّ هذا المسار ينسجم مع الدعوات المتكررة من السلطة وقيادتها بأنها تؤيد المقاومة الشعبية، مضيفاً: "مقاطعة الاحتلال وتجريم التطبيع معه ليس سوى شكل أساسي من أشكال هذه المقاومة التي تتغنى بها السلطة وحزبها الحاكم".