تشهد الحلبة السياسية والحزبية الإسرائيلية حالة من المفاجآت المتلاحقة عشية الذهاب إلى صناديق الاقتراع خلال أقل من خمسين يوما، وكان آخرها القيام بجملة تحالفات جديدة سواء بين أحزاب اليمين، أو الوسط وما تبقى من اليسار.
بعيدا عن التفاصيل الخبرية لهذه التحالفات التي باتت معروفة، فإن المشهد الانتخابي الإسرائيلي بات يشكل مناسبة سانحة لإجراء حالة من المراهنة على الرابحين والخاسرين المتوقعين من هذه الانتخابات المبكرة المقررة في أبريل نيسان، عقب انفراط عقد الائتلاف الحكومي، فضلا عن نتائجه المتوقعة خارج إسرائيل.
إن الحلبة الحزبية الإسرائيلية تتهيأ لاحتمال أن تتحول هذه الأحزاب إلى خلايا نحل دؤوبة لترتيب تحالفاتها، ومقاعدها المستقبلية في الكنيست القادم، وهو لا يمنع من إجراء جردة حساب بقراءة فرص الربح والخسارة لكل فريق، خاصة وأن موعد الاستحقاق الانتخابي بات يقترب يوما بعد يوم.
يمكن من خلال قراءة سريعة للتأثيرات المتوقعة على الساحة الفلسطينية لهذه التحالفات الإسرائيلية الجديدة، لاسيما التحالف المسمى "أبيض-أرزق"، الخاص بالجنرالات، على النحو التالي.
قد ترى السلطة الفلسطينية في التحالف الجديد المشكل فرصة جيدة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل بعد قطيعة استمرت خمس سنوات، رغم عدم وجود عروض مغرية لدى هذا التحالف يقدمه للفلسطينيين، أفضل مما قدمه أسلافهم من اليهوديين: باراك وأولمرت.
ملاحظة جديرة بالانتباه تتعلق بأن هذا التحالف يعلن صراحة وليس تلميحا أنه لا بد من عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، بغض النظر عن الطريقة المقترحة لذلك، سواء من خلال مصالحة مع حماس، تتباعد مع مرور الوقت، أو عبر عملية عسكرية قاسية تكون من أهدافها غير المعلنة إعادة السلطة إلى القطاع.
في الوقت ذاته، لا يبدو أن هذا التحالف الإسرائيلي الجديد خبر جيد لحماس، لذات الأسباب السابقة التي تجعله مفضلا لدى السلطة الفلسطينية، فالجنرالات المذكورون متوافقون على استمرار الحصار على غزة، وإن اختلفت مسمياته أو أساليبه، لكن الإشكال الذي قد يواجه حماس يتمثل في إقدام هذا التحالف على خطوة إضافية من خلال اللجوء إلى القوة العسكرية لتحقيق أهداف سياسية.
أكثر من ذلك، لا يبدو أن لهذا التحالف إشكاليات جوهرية مع صفقة القرن الأمريكية، التي تأجل إعلانها مرة واثنتين وثلاثة، وربما لو سئل ساكن البيت الأبيض عن خياره المفضل فيمن سيحل رئيسا للحكومة الإسرائيلية في الانتخابات القادمة كي يكون متشجعاً لصفقته القادمة، فربما لن يتردد فالإشارة إلى هذا التحالف الناشئ حديثا، الذي أعلن عن موافقته الضمنية بإجراء بعض الانسحابات في الضفة الغربية.