يخلط كثيرون بين مفهومي الذكورة والرجولة، معتقدين أنهما يحملان المعنى ذاته، والحقيقة أنّ هذا خلط ظالم؛ فالذكورة تحدد نوع الإنسان فقط، وهي ضد الأنوثة، أما الرجولة فتتجلى فيها أخلاقيات وقيم، وتتجسد فيها مبادئ وهمم، فهناك ذكور فقط وأشباه رجال، ورجال، وهناك رجل بألف رجل.
ولم يكن معيار الرجولة يومًا مرتبطًا بسن أو حجم، فكم من صبي كان رجلًا وحيّر بعقله الكبار، وأقنعهم وأبهرهم بطلاقة لسانٍ وعمق كلماتٍ وعلو همةٍ وسمو مقام!
بل يحلق ديننا الحنيف بعيدًا ليؤكد أن الرجولة غير مرتبطة بنوع أو جنس، فليس كل الذكور رجالًا، وليست الأنثى بمعزل عن صفات الرجولة، فلقد ذكر القرآن الكريم لفظة رجال في أكثر من خمسين موضعًا بمعاني مختلفة، تلامس النساء العديد من تلك المعاني، ليؤكد أن الرجولة صفة وليست نوعًا، ولم تكن الرجولة بوسامة مظهر وزرقة عينين وتربية بطن، ولكنها تربية عقل، وصفات وأخلاق وسلوك.
سيدي آدم، أبحث بين جنباتك عن ثقة تزرعها في صدري، وطبع هادئ يزين حياتي، وشهامة ورجولة تملأان الأجواء، وحب ورومانسية يفيضان في المكان.
عزيزي آدم، ابحث عن سيدة شريكة تقاسمك تفاصيل الحياة، ولا تبحث عن امرأة تجد في ظلمها وتعذيبها لذة ذكور ضائعة، امرأة تسيطر عليها لتشعر برجولتك؛ فالرجولة ليست سيفًا مسلطًا على رقاب السيدات، ولا كلمة جارحة أو لفظًا مهينًا، فالرجولة ليست لكمات يتركها الذكر على وجه أو جسد امرأة، أو حالة رعب واختفاء لأهل بيت حينما يذاع خبر قدومه.
لكن أسمى مستويات الرجولة والإنسانية أن نتعامل مع زوجاتنا وبناتنا بمروءة وشهامة، وما أجمل ذلك الإنسان الحنون الطيب الذي يهرول الجميع فرحًا بقدومه مقبلًا صغيرته، وماسحًا على رأس الأخرى، ومبتسمًا في وجه زوجته المنتظرة بكل الحب والشوق!
كلنا مطالبون أن نقدم إنسانيتنا ورجولتنا على ذكورتنا، هيا بنا نمارس الرجولة بأعلى درجات الرقي والحضارة، هيا نزرع الحب في بيوتنا، ونوفر الدفء لبناتنا، فالبنت السوية أول ما تُعجب تُعجب بأبيها.
فاتركوا المجتمع الذكوري المتعفن جانبًا، وارفعوا راية المجتمع الرجولي الأنيق، وكن رجلًا لزوجة وابنة وأخت وأم، كن رجلًا في بيت يفتقد رجولتك في زمن عم وساد فيه أشباه الرجال وأنصافهم.