من خلال الحوار الذي أجرته الإذاعة العبرية مع عدد من قادة الكيان، ومن خلال ردود فعل قيادة السلطة على القرار الإسرائيلي باقتطاع مبلغ نصف مليار شيكل من مخصصات السلطة من الضرائب، تخيلت هذا الحوار بين منطقين:
منطق (إسرائيل) يقول: قبلنا بكم سلطة في هذه المناطق التي نديرها لتكونوا مسؤولين عن إدارة شؤون المواطنين، والتقيد بقراراتنا، وعليه فإن صرف الأموال لأسر الشهداء والجرحى (الإرهابيين من وجه نظرنا) لا ينسجم ومصالحنا السياسية، ونحن أصحاب الكلمة العليا فوق أرضنا.
منطق السلطة يقول: قبلنا أن نقيم سلطة فلسطينية على أرضنا لفترة انتقالية، وتحملنا عدوانكم، وعنصرية قوانينكم على أمل الوصول للهدف المنشود، نهاية الاحتلال، وقيام الدولة.
منطق (إسرائيل) يقول: قبلنا بكم سلطة حكم ذاتي بعد أن قبلتم وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، واعترفنا بكم ضمن هذا الشرط، فكيف تصرفون الأموال لأسر (الإرهابيين) عليكم الالتزام بما وقعتم عليه من نبذ للإرهاب.
منطق السلطة يقول: وصفنا المقاومة بالإرهاب، والمقاومين بالإرهابيين لا يحول دون تقديم الأموال لأسر الشهداء وأسر الأسرى، وهذا أمر إنساني محض، لا يعني دعمنا وتأييدنا للمقاومة التي نعترق بأنها الإرهاب، ولكن أولاد وأمهات هؤلاء الأسرى والشهداء لهم الحق في الحياة.
منطق (إسرائيل) يقول، نحن نطبق القانون، وقد أقرت الكنيست اقتطاع قيمة الأموال التي تقدم لأسر (الإرهابيين) في يوليو سنة 2018، والحكومة تطبق القانون على كل مكان تحت سيطرتنا، إنها أرضنا الممتدة من النهر إلى البحر، وأمننا يقضي محاربة الإرهاب.
منطقة السلطة يقول: بيننا وبينكم اتفاقيات تم توقيعها، على أمل انهاء الاحتلال، وإقامة دولتنا إلى جوار دولتكم، فقد اعترفنا بكم دولة على 80% من أرضنا فلسطين، أنتم تقوضون بهذه العقوبات مشروع حل الدوليتين.
منطق (إسرائيل) يقول: درسنا كل الخطط والاحتمالات، ونعرف أن لا حول لكم ولا قوة، عليكم تطبيق كل ما نطلبه منكم، لا نقبل منكم التعاون الأمني فقط، وتسليم (الإرهابيين)، المطلوب منكم محاربة الوعي الفلسطيني الذي يشجع على (الإرهاب ويهتف بحياة الإرهابيين).
منطق السلطة يقول: قبل أيام، قطعنا رواتب أسر الشهداء والأسرى في قطاع غزة لأنهم يدعمون المقاومة، وما زلنا نفتش في الدفاتر، وننتظر التقارير، وسنقطع راتب كل أسرة تؤيد المقاومة، ولكننا لا نقدر أن نقطع رواتب أسر الشهداء والأسرى في الضفة الغربية، هؤلاء في عهدتنا، ونحن نتعهد لكم بأنهم لن يؤيدوا (الإرهاب) إنهم يؤيدون عملية السلام.
منطق (إسرائيل) يقول: من وجهة نظرنا هذا لا يكفي، الإرهابيون من أصل واحد، سواء أكانوا في غزة أم الضفة الغربية، أنتم تعاقبون غزة كي نتورط نحن معها في حرب، وعليه فإننا نطالبكم بقطع رواتب أسر كل من قام بعمل (إرهابي) ضد الإسرائيليين.
منطقة السلطة يقول: سنجتمع في الأيام القادمة، سنناقش، وندرس، وسنهدد بوقف التعان الأمني، ونهدد بحل السلطة، ونهدد بإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي، وسيزور رئيس السلطة أكثر من بلد عربي، وسنطلب منهم التعويض المالي، وسنعالج الأمر بهدوء، بعيدًا عن رد الفعل الانفعالي.
منطق (إسرائيل) يقول: لقد انتهى الأمر، فأنتم تعرفون سابقًا بقرارنا، ولم تتخذوا أي خطوة احترازية، وتأكدوا أن ما نقوم به لصالحكم وصالحنا، والتعاون الأمني لصالحكم وليس لصالحنا، وتدفق الأموال لخزينة السلطة لن يتوقف، طالما احترمتم الاتفاقيات الموقعة بيننا.