يقترب الاستحقاق الانتخابي الإسرائيلي في وقت يتواصل التوتر الأمني في عدة جبهات ساخنة تحيط بإسرائيل، بعد أن لعب التصعيد العسكري أدوارا مهمة في مراحل سابقة حين كان يتزامن مع الدورات الانتخابية الإسرائيلية، وتاريخ الانتخابات الإسرائيلية مزدحم بمثل هذه الأحداث، في أعوام 1992، 1996.
حتى أن دورة الانتخابات الإسرائيلية التي شهدها العقد المنصرم حصلت على خلفية العمليات التي شهدتها الانتفاضة الثانية، بأكثر من ألف قتيل إسرائيلي وآلاف الجرحى، ثم جاءت حرب غزة الأولى 2008، وغياب الشعور بالأمن كان مركبا أساسيا في توجهات الناخب الإسرائيلي حين قرر اختيار مرشحيه، وأن يضع الورقة بصندوق الاقتراع.
لكن السنوات الأخيرة تغيرت فيها الأمور بعض الشيء، فالعمليات المسلحة في الضفة الغربية تشهد ملاحقة إسرائيلية على مدار الساعة، ونظيرتها في قطاع غزة تواجه تحديات عديدة عقب سلسلة من الحروب، رغم أن الانتباه الأمني الإسرائيلي يتوجه للجبهة الشمالية حيث المثلث المعادي إيران -سوريا -حزب الله، مع أن تطورات العالم العربي عقب ثورات السنوات الأخيرة جعلت إسرائيل تستفيد جيدا من هذه الأحداث.
لقد وضع التقدير الاستخباري الإسرائيلي الصادر قبل أيام للعام الجديد 2019 محددات أمنية لم تتغير كثيرا عن تقديرات سابقة، رغم أن الساحة الفلسطينية ما زالت تتمتع بصفة الأحداث الدراماتيكية منذ إصدار التقدير الاستخباري السنوي السابق للعام 2018، فالأوضاع الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة ما زالت تحمل في طياتها إمكانية متزايدة لنشوب مواجهة عسكرية واسعة، وجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" يمنح ذلك أولوية قصوى.
كما أن قطاع غزة يعيش وضعا اقتصاديا خانقا وكارثة معيشية متحققة، ويبحث عن ما قد يغير مصيره، سواء من خلال المباحثات، أم بالوسائل العسكرية، وربما يحصل نتيجة للوضع القائم في الضفة الغربية، لأن التصعيد المتوقع ليس بالضرورة أن يأتي من الأعلى إلى الأسفل كما جرت العادة.
تتزامن الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة مع حمى توتر عسكري في غزة، رغم أن ذلك قد يحصل نتيجة تدهور ميداني في الضفة الغربية، كما حصل في صيف 2014 حين تم اختطاف ثلاثة مستوطنين بمدينة الخليل، وأدى في نهايته لنشوب حرب الجرف الصامد، ورغم الضربة الصعبة التي تلقتها حماس، فإنها ما زالت تبذل جهودها لتنفيذ عمليات في الضفة الغربية.
تشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن الاستنفار الأمني بلغ ذروته مع اقتراب الانتخابات، حيث تبذل المخابرات الإسرائيلية محاولات مستميتة لإحباط جهود حماس في الضفة الغربية وشرقي القدس، لكن عملية واحدة قد تفلت من أيدي الشاباك، وتسفر عن سقوط قتلى إسرائيليين، وهو ما تبحث عنه حماس، وفي حال وقوع هجوم مسلح كبير يسفر عن هذه النتيجة، فإنه سيفرض نفسه على جدول أعمال الناخب الإسرائيلي.