يقال إن عالمًا وضع ضفدعًا في ماءٍ مغلي ليرصد ردة فعله، وهل سيتحمل الضفدع هذا الماء المغلي أم لا؟، وبمجرد استشعار الضفدع حرارة الماء قفز من فوره هاربًا.
جرب هذا العالم طريقة أخرى، وضع الضفدع في ماء بارد، فسكن فيه دون تحرك، وبدأ يرفع درجة حرارة الماء ببطيء، وبقي الضفدع على حاله ساكنًا، إلى أن وصل إلى درجة الحرارة نفسها التي هرب منها الضفدع سابقًا، ولكنه أيضًا لم يتحرك، حتى أدى ذلك إلى موته.
ما سبق هي تجربة أو نظرية تسمى "الضفدع المغلي"، وبعيدًا عن تصديقها من عدمه، فما أشبهها بحياتنا العامة والخاصة؛ فهي تصف عملية غلي الضفدع وغياب ردة فعله على هذه العملية، لأن الأمر يحدث على شكل تغيير تدريجي بطيء.
ويستعمل مصطلح "الضفدع المغلي" لتفسير ردود أفعال الناس على التغييرات المهمة التي تحدث لهم، أو لمن حولهم، إذ تضرب مثلًا على عدم قدرة الناس على التعامل مع التغييرات السلبية التي تحدث ببطء غير ملحوظ.
وفي الحقيقة جُلنا مثل هذا الضفدع المستسلم، نحاول التأقلم مع ظروفنا، في حين لا نراقب ما يحدث فينا وفي محيطنا، ونستسلم للظروف من حولنا؛ فتقل حركتنا ونغتال طموحنا ولا نستشعر الخطر المحدق بنا.
أما أصحاب القرار في الأمم فوعوا هذه المعادلة جيدًا، فلم يصدموا شعوبهم بقرارات مصيرية تأخذ منهم امتيازًا أو تنازعهم في حق، لكنهم تدرجوا في عملية سرقة حقوق المواطنين والتضييق عليهم في معاشهم، وعوّلوا على تأقلم الناس، وتقبلهم وتجرعهم التغييرات البطيئة أكثر من تلك الصادمة والسريعة.
والواجب على كل فردٍ منا أن يقرر ألا يكون مثل الضفدع يُسلخ ويموت حيًّا وهو يضحك ولا يدري ما يحصل من حوله، وألا يكون فاقد الوعي وتُسرق منه أحلامه في وضح النهار.
فلنحافظ على طموحاتنا، ولا نكترث للسلبيات والضغوطات، ونبقى يقظين ولا نخشى التحديات؛ فالسكون سمة الأموات، والخوف صفة الضفدع المغلي التي ستكون نهايته مأسوية.
تنبيه أخير: من ناحية الدقة العلمية فقد درس علماء الأحياء المعاصرون هذه القصة ووجدوا أن الضفدع المغمور في الماء سيحس بالخطر عندما يصبح الماء حارًّا جدًّا وسيقفز منه، فهل تنطبق الدقة العلمية علينا، ونقرر القفز قبل أن تخور قوانا؟