فلسطين أون لاين

​أحمد المدهون شاب غزِّي بارعٌ بصناعة مجسمات الصدف والمحار

...
يفضل أحمد قضاء أوقات طويلة في غرفته المخصصة لصناعة المجسمات
غزة/ أدهم الشريف:

للوهلة الأولى اعتقدت أنها تبتسم وهي تنظر إليَّ، حتى إنني ظننت أنها كائنات حيَّة صغيرة.

هذا الإحساس سيداهمك بقوة أيضًا عندما تدلف إلى غرفة خصصها الشاب أحمد المدهون، لقضاء أجمل أوقاته في صناعة المجسمات من الصدف (الزلف) ومحار البحر.

لكن عندما اكتشفت أنها لم تكن إلا مجسمات من الصدف والمحار الملتصق بعضه ببعض؛ أيقنت تمامًا مدى براعة صاحبها الذي استخدم معدات بسيطة لصناعتها.

ويرتب الشاب مجسماته التي تقدر بالعشرات على منضدة تتوسط الغرفة المخصصة لها، التي يحرص ألا يدخلها أحد خشية إلحاق الخراب بها.

وعلى مدار سنوات طويلة جمع المدهون مئات قطع الصدف والمحار بعدما لفظها البحر على شاطئ غزة، واحتفظ بها في بيته بحي الشيخ رضوان، شمالي مدينة غزة.

لكن شيئًا ما ألهمه للبدء بتصميم المجسمات بعدما شاهد أشكالًا متعددة مصنوعة من الأخشاب مدموجًا فيها أشكال مختلفة من الصدف، وأعمالًا أخرى لفنيين عبر الإنترنت.

"حاولت في البداية صناعة مجسم صغير، ونجحت في تجميع قطع الصدف بشكل معين قريب لما كنت أريده، ولاحقًا تطور أدائي وأصبحت قادرًا على صناعة أشكال مختلفة" قال أحمد البالغ (30) عامًا لـ"فلسطين".

واستفاد الشاب الذي بدأ في صناعة المجسمات قبل ما يزيد على عام من بعض الأشكال المنشورة صورها عبر شبكة الإنترنت، وصنع مثلها تمامًا، وأجود منها.

وما بين السفن الشراعية، والحيوانات، والفرقة الموسيقية، والطيور، والمجسمات الفنية، والبراويز، تنوعت المجسمات التي صنعها أحمد، وتصطف بعضها بجوار بعض.

ومن شدة إتقانها بدت مجسمات الشخصيات تبتسم، وتنظر إلى من ينظر إليها.

وكان أحمد أنهى دراسته الجامعية قبل سنوات في فنون الإذاعة والتلفزيون بجامعة فلسطين ومقرها الزهراء، جنوبي مدينة غزة، لكنه لم يعمل في مجال الإعلام إطلاقًا، وفضل مجال شبكات الإنترنت.

لكن انشغاله في عمله بإحدى الشركات المحلية لم يمنعه من مواصلة هوايته المفضلة، ويجد نفسه في صناعة هذه الأشكال، كما قال.

وواجه أحمد معيقات، أبرزها ندرة وجود أنواع معينة من الصدف والمحار في بحر غزة.

"حتى إن بعض قطع المحار والصدف كنت أوصي بعض الصيادين بأن يأتوا بها، مقابل المال، لكن العديد من هؤلاء فضلوا الاحتفاظ بها لأنفسهم" أضاف أحمد.

وعانى أيضًا تكرار انقطاع التيار الكهربائي، الأزمة التي يعانيها سكان قطاع غزة (تعدادهم يزيد على مليوني نسمة وفق الإحصاء الفلسطيني)، منذ منتصف 2006م.

ويستخدم أحمد "مسدس السيلكون" الذي يعمل بالكهرباء لإلصاق قطع بعض الصدف والمحار ببعض.

تابع: "أحرص دائمًا على صناعة مجسمات بمواصفات عالية، لكن لو توافرت لي إمكانات أفضل لصنعت مجسمات أفضل بكثير؛ فلدي الكثير من الأفكار".

ويخطط أحمد لصناعة نجفة في بيته من الصدف، وقد يستغرق ذلك شهرًا كاملًا، كما قال.

ولاقت المجسمات الفنية التي صنعها أحمد استحسان زوجته وأهله وزملائه في العمل، وحظي بتشجيع لصناعة المزيد، حتى إن بعض الأصدقاء حصلوا على بعض القطع بعدما نالت إعجابهم.

ويفضل أحمد قضاء أوقات طويلة في غرفته المخصصة لصناعة المجسمات، ولا يحتاج إلى مساعدة أحد.

وفي أحد الأيام عاد أحمد من منزله إلى غرفته ولم يجد شيئًا فيها، جن جنونه عندها وبدأ يبحث عنها في كل مكان، قبل أن تخبره زوجته أنها غيرت مكانها إلى شرفة الشقة التي يعيش فيها، وعندما ذهب إلى هناك وجد نجله يوسف (4 أعوام) برفقة لارا (عام ونصف)، يمسكان واحدًا تلو الآخر من المجسمات، ويلقيان بها إلى الشارع، على عجل خلص من أيديهما ما تبقى منها، ونزل إلى الشارع ليجمع ما تبعثر منها.

ويبدو أحمد سعيدًا لتمكنه من إعادة المجسمات إلى مكانها الطبيعي، ودائمًا ما يجلس هناك يرتبها، ويصنع منها المزيد.

وبين أنه يطمح إلى إيصالها إلى خارج قطاع غزة المحاصر، بعدما تواصل معه العديد من المعجبين بعمله، لكنه لمَّا يتمكن من ذلك.