ثالثاً/ فلسطين الدولة والآليات الدولية المتاحة لحماية حقوق الأطفال الفلسطينيين
إن دولة فلسطين تستطيع بعد انضمامها لاتفاقيات حقوق الإنسان والاتفاقيات الأخرى للقانون الدولي أن تستعين بالآليات التي يوفرها هذا الانضمام وفي مقدمتها اللجوء إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي اشتملت مادته 42 علىقائمة التدابير التي تتضمن مقاطعة دولة الاحتلال التي تنتهك حقوق الإنسان، وإيقاع العقوبات عليها من خلال حظر سفر وتنقل المسؤولين مقترفي الجرائم، وتجميد أصولهم، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولهم، وجلبهم للعدالة.
وكذلك تستطيع فلسطين اللجوء إلى الجمعية العامة، ومجلس الأمن والطلب من الدول الأطراف الأعضاء، والأطراف السامية المتعاقدة لتطبيق الآليات الوقائية لإعمال القانون الدولي الانساني، وللضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاحترام وحماية الأطفال الفلسطينيين وخصوصاً حقهم في الحياة وفي التظاهر السلمي، من خلال حث هذه الدول للتحرك والطلب من سلطات الاحتلال العمل لاحترام وكفالة إعمال أحكام اتفاقية جنيف الرابعة، والالتزام بكف يدها عن انتهاكات حقوق الطفل الفلسطيني بصفتهم جزءا من السكان المدنيين المشمولين بالحماية.
وكذلك تستطيع فلسطين اللجوء إلى الآليات الرقابية لتطبيق أحكام اتفاقيات القانون الدولي الانساني وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة، وفي مقدمتها آلية تشكيل لجان التحقيق في جرائم الاحتلال، وتفعيل التواصل مع اللجنة الدولية للصليب التيتجري مباحثات غير علنية مع سلطات الاحتلال حول أوضاع السكان المدنيين بما فيها احترام قواعد القانون الدولي الانساني بمن فيهم الأطفال.
ويمكن لفلسطين أن تلوذ بالآليات القضائية (العقابية) على المستوى الدولي، حيث إنه لا سبيل أمام حجم الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأطفال، إلا عن طريق الآليات العقابية والقضائية التي تختص بمحاكمة منتهكي ومقترفي المخالفات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الانساني، ومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، حيث نص البروتوكول الإضافي الأول للعام 1977 بموجب الفقرة الأولى من المادة 85 على أن "يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى محاكمة"، وكذلك اللجوء إلى القضاء الجنائي الدولي من خلال المحكمة الجنائية الدولية التي خلقت بالأساس لمحاسبة مقترفي جرائم وانتهاكات القانون الدولي الانساني ولكن هذا يتطلب جهوزية عاملة للطواقم القانونية والحقوقية في دولة فلسطين من خلال إعداد الملفات المستندة إلى الادلة والقرائن والتوثيقات والافادات.
وتعتبر الاجراءات الخاصةللأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الانسان التي تتكفل المفوضية السامية لحقوق الانسان بنشر المعرفة بها وسبل الوصول إليها، إحدى الآليات المهمة التي تستطيع دولة فلسطين اللجوء إليها لحماية حقوق الأطفال وخصوصاً المقرر الخاص لحقوق الطفل، والمقرر الخاص بالحق في الحياة، والمقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص بالأراضي الفلسطينية.
وبإمكان المنظمات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بحقوق الانسان وحقوق الطفل، القيام بأدوار مهمة لحماية حقوق الانسان دون تمييز وفي مقدمتها منظمة هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية أمنستي، وفرونت لاين، واليونيسيف، وهذه الآليات الحقوقية الرقابية الدولية ذات المستوى المرموق والموثوق،يمكن لفلسطين تعزيز العلاقة معها في سبيل حماية حقوق الأطفال الفلسطينيين.
إن انتهاكات حقوق الطفل الفلسطيني ليست قدراً نقف عاجزين أمامه، بل هي وقائع لانتهاكات وجرائم يجب التصدي لها بقوة القانون، وبالوعي بآليات المساءلة والمحاسبة وجبر الضرر التي يوفرها القانون، وبالرغبة والقدرةللقيام بهذا الجهد القانوني والانساني والأخلاقي، وبتضافر جهود جميع المدافعين عن حقوق الانسان، وتنسيقها بمهنية وحرفية، لضمان فاعليتها وديمومتها من أجل الإنسان، وحقوق الانسان وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمستقبل.. الأطفال.