أكد مختصون في القانون الدولي الإنساني، أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للأطفال المشاركين في مسيرات العودة وكسر الحصار، يشير إلى وجود غطاء قانوني وسياسي للجنود الذين يطلقون النار على مناطق مميتة في أجساد الأطفال كما حدث مع الشهيدين الطفلين حمزة اشتيوي وحسن شلبي أول من أمس.
وشدد المختصون على مكانة الأطفال في القانون الدولي، لافتين إلى أن مواد قانون حماية المدنيين تشملهم بشكل عام، ولديهم مواد خاصة بهم في القانون توجب على القوات المحتلة أن تقوم بحمايتهم بدلا من قتلهم بدم بارد.
وكان قناصة جيش الاحتلال قد استهدفوا الطفلين شلبي واشتيوي خلال مشاركتهما في مسيرات العودة، الجمعة الماضية، حيث تلقى الطفلان طلقات نارية متفجرة في مناطق عليا من أجسادهم، ما أدى لاستشهادهم على الفور.
وأكد مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين عايد أبو قطيش، أن جرائم الاحتلال بحق الأطفال تتنوع أشكالها وطرائقها، موضحا أن القتل والأسر والتسبب بعاهة مستديمة هو سلوك معروف ومكرر لجنود الاحتلال تجاه الأطفال.
وذكر أبو قطيش لصحيفة "فلسطين"، أن الطواقم البحثية والحقوقية وثقت عشرات الجرائم التي ارتكبت بحق الأطفال وخاصة في قطاع غزة، مبينًا أن تلك الجرائم استوفت كل أركانها من ناحية التعمد في إطلاق النار، ووضوح أن الأطفال الضحايا كانوا عزلا وبعيدين عن مناطق التوتر وغيرها من حيثيات تعمد الاحتلال استهدافهم.
وأشار إلى أن نجاح الاحتلال في سياسة الإفلات من العقاب قد مكنه من الاستمرار في سياسته الإجرامية تجاه الأطفال والقصر، فأصبحوا أهدافا دائمة للجيش وقناصته المنتشرين على السياج الفاصل.
وقال: رغم الأدلة الموثقة بارتكاب قوات الاحتلال جرائم قتل ترقى لمستوى جرائم الحرب، فلم تكن هناك عدالة أو مساءلة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق الأطفال الفلسطينيين.
ورأى أن استهدف الاحتلال كل المدنيين ومن ضمنهم الفئات الخاصة كالأطفال والنساء هو فعل يرقى لمستوى جرائم حرب، لكونه يستخدم العنف وقواه المميتة، ولا يراعي مبدأ التناسب والضرورة، أو أي من مبادئ حقوق الإنسان، وحقوق الأطفال.
وطالب أبو قطيش بعدم القبول باستمرار الوضع الراهن، "بحيث يستمر الاحتلال في استخدام الأطفال الفلسطينيين كشواخص للقنص بأحدث الأسلحة الفتاكة، والتي يتم تجريب بعضها على أجساد الأطفال في غزة".
وأوضح أن حالة اليقين التي تتلبس الجنود بإمكانية الإفلات من العقاب وعلمهم السابق أنهم لن يحاسبوا على أفعالهم مهما كانت، ويقينهم أن حكومتهم تتعمد عدم إجراء أي مساءلة لهم، يشجعهم على المضي في انتهاكاتهم بحق أطفال فلسطين وتصعيدها.
وشدد المسؤول في الحركة العالمية على وجوب أن يقوم المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة من أجل إيقاف وردع جميع مرتكبي الجرائم من جنود الاحتلال الذين يقتلون الأطفال أو يسببون لهم الإعاقات الدائمة.
قتل ممنهج
وأكد مسؤول اللجنة القانونية والتواصل الدولي في الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، د.صلاح عبد العاطي، أن جنود الاحتلال يعملون وفق قاعدة "من أمن العقاب أساء التصرف"، وذلك من خلال الإصرار على استهداف الأطفال وقتلهم بشكل همجي ووحشي.
وشدد عبد العاطي في حديثه لصحيفة "فلسطين"، على أن تعمد قوات الاحتلال قتل وإصابة الأطفال المشاركين في مسيرات العودة، يحمل بين طياته تنكراً واضحاً واستهتاراً بمنظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ورأى أن ارتقاء الشهداء من الأطفال في كل جمعة تقريبا من جُمَع المسيرات، يقدم دليلا إضافيا على عدم رغبة قوات الاحتلال في احترام المبادئ القانونية الدولية المستقرة وبشكل خاص مبادئ القانون الدولي الإنساني التي تقتضي مراعاة التناسب والتميز والضرورة.
وذكر عبد العاطي أن لدى الاحتلال خطة ممنهجة لاستهداف الأطفال عبر نشر عشرات الجنود القناصة على طول السياج، ومنحهم الضوء الأخضر لقتل المتظاهرين، إضافة إلى سياسة الاستخدام المفرط للغاز وتهديد المتظاهرين بالقتل من قبل قادة الاحتلال، وتوفير الحصانة للجنود القتلة، وعدم الاستجابة لكل النداءات الدولية التي حثت الاحتلال على عدم المساس بحياة وسلامة المتظاهرين.
وأكد الحقوقي استعداد اللجنة تقديم كل ما لديها من أدلة وبراهين على ارتكاب قوات الاحتلال لجرائم موصوفة بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني وخاصة أحكام اتفاقية جنيف الرابعة.
ودعا عبد العاطي السلطة والمؤسسات الحقوقية العربية والدولية إلى ضرورة العمل الجاد والواضح لمحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم التي اقترفوها بحق الأطفال المشاركين سلميًا في مسيرات العودة.
وطالب السلطة بتفعيل استخدام مبدأ الولاية القضائية الدولية لملاحقة قادة الاحتلال، مؤكدا أهمية البدء في حراك دولي للمنظمات الدولية وحركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، من أجل توفير الحماية الدولية المتظاهرين سلميا في مسيرات العودة وكسر الحصار.