فلسطين أون لاين

​امرأة بتاء التأنيث


سأجيب اليوم عن سؤالي في المقال السابق: "هل اتخذت المرأة مكانًا إلى جوار الرجل أم لا؟

بعد حديثي عن نظرتي بحرية المرأة في المقال السابق يمكنني القول: إن المرأة لم تبقَ بجوار الرجل، فهي اتخذت مكانها أمام الرجل لمواجهته؛ وهذا يبرره كثرة الشعارات التي نادت بـ "حرية المرأة" التي جعلت آدم كأنه نِدًا لحواء لا شريكًا، ولا غرابة أن يكون آدم ندًا تارةً وشريكًا تارةً أخرى لدى حواء؛ فهذا تمليه عليها مزاجيتها.

فمقولة "المرأة خلقت من ضلع آدم لتكون إلى جواره" لم تطبق، لأن حواء جعلت آدم نِدًا تنافسه في كافة مجالات الحياة تحت مبدأ "المساواة"، وأما الصحيح وبحسب المقولة أن تكون المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل، فهذا يعني التكامل لا التنافس وكليهما مصطلحين مختلفين؛ التكامل مع الرجل هو التفهم بأن لكلٍ خصائصه ومميزاته، وبطريقة أخرى أقول: المساواة في الرياضيات تعني أن 2+2=4 وكذلك 3+1=4، المعادلتان مختلفتان ولكن الناتج وحيد، وهذا ما أقصده العوامل مختلفة، ولكن الناتج واحد، فأنت كامرأة مختلفة تمامًا عن الرجل، لك كيانكِ الخاص المختلف عنه، أما المهم فهو إنتاجيتكِ، طموحكِ، دراستكِ، عملكِ، الحرية هو أن تتحرري من عتمة الجهل، تحرري من غطاء العقل، لا غطاء الرأس، الحجاب لا يرد هواءً ولا صوتًا.

عزيزتي حواء: أنتِ لستِ ضعيفة، أنت قوية، ولكن لك قوتك الخاصة التي لا تشبه قوة الرجل، نافسي ذاتكِ كامرأة ولا تنافسي آدم، أنت لست رجلاً، له لِحية ولكِ تاج، له ربطة عنق ولكِ ربطة شعر، لا تقبلي أن تكوني رجلاً ولا نصف امرأة، كوني امرأة كما أنتِ وبتاء التأنيث التي خصتكِ بها اللغة العربية.

حواء الرمادية لم تستطع مسح اللون الأسود؛ فلا زال هناك الكثيرات اللواتي يعانين من العنف والاضطهاد كل يوم، بالرغم من كثرة الحركات النسوية والنشطاء الحقوقيين؛ فحتى الفعاليات والندوات التنظيرية أبدًا لم تستهدف الضحايا، كانت دائمًا تستهدف النساء العاملات اللواتي حصلن على حقوقهن ولعقنَ ثمار المجد، وكذلك الرجال الذين ناصروا المرأة ووقفوا إلى جانبها؛ ولكن كان الأجدر بنا أن نصل إلى فعاليات متكاملة تستأصل ظاهرة "تعنيف النساء" من جذورها لا الحد منها فقط، فإنك إن آمنت عليك أن تدعو غيرك للإيمان، لا أن تقيم الشعائر فحسب، وهذا يحتاج منا الكثير من التفكير العميق للوصول إلى طرفي المعادلة في التعنيف (المرأة المعنَّفة، والرجل المعنِّف)، حتى نستطيع مسح اللون الأسود، وحينها فقط نتمكن من طلاء اللون الوردي.