فلسطين أون لاين

​بلياقة أخلاقية تعامل مع الخطأ

...
غزة- هدى الدلو

كثير من الناس يأخذ دور المتربص والمتصيد لأخطاء الآخرين، أو أنه يأخذ مهمة البحث والتفتيش في الدفاتر القديمة للبحث عن أخطائهم وفضحهم، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لدى الإسلام وجهة نظر مختلفة في التعامل مع المخطئ.

الداعية مصطفى أبو توهة قال: "مما تعيه الذاكرة قول عيسى عليه السلام: "لا تنظروا إلى الناس على أنكم أرباب، وانظروا إلى أنفسكم على أنكم عبيد"، من المهارات التي يفشل فيها كثير من الناس مهارة التعامل إزاء أخطاء الآخرين، وهي ولا شك تحتاج إلى لياقات أخلاقية وعقلية حتى لا يترتب على الأخطاء أخطاء أكبر منها، ويرحم الله القائل: "لا تنزع الشوكة بالشوكة".

وأوضح أنه "لذلك فنحن مطالبون بأن نراعي جملة من الفنون والآداب التي بدونها لن نوفق في إقامة الركن السادس من أركان الإسلام وهو "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ومن هذه المهارات قناعتنا أن كل ابن آدم خطاء، بحكم الضعف الإنساني ونوازع الشر فيه "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء""، وفق قوله.

وأضاف أبو توهة: "ثم هي الرحمة بهذا المخطئ وذلك حينما نضع أنفسنا مكانه بكل ما تحوطه من خلفيات ثقافية وتربوية ونفسية، بمعنى أننا لو كنا مكانه لأتينا بما أتاه وبالتالي هي الرحمة، وثم من بعد ذلك إحسان الظن والاستفسار عن دوافع الخطأ، " قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيّ"".

وأشار إلى أنه ومن قبل ذلك عدم التفتيش عن الأخطاء الخفية "من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته"، فإذا ما كان الخطأ واضحا ولا يحتمل التأويل والإعذار، فإن طرائق الإصلاح مختلفة فقد يهمش المخطئ ولا يعبر، كالنفر الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك فكان العقاب هو الهجران.

وبين أبو توهة أنه لربما يترك تصحيح الخطأ إذا ما ترتب عليه أثمان فادحة كما ترك النبي عليه الصلاة والسلام معاقبة المنافقين على خطيئاتهم في حق شخصه عليه الصلاة والسلام وكان شعاره "حتى لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه".

وتابع حديثه: "ومن تلك اللياقات في تصحيح الأخطاء تعداد الإيجابيات قبل الدخول في السلبيات، "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل"، ومنها أيضًا استخدام العبارات اللطيفة فإن الكلمة الفاحشة أو العبارة الطائشة ربما تخلق إصرارًا وموقفًا عدائيًا من جانب المخطئ، فبدل أن نقول مثلًا "أنت مخطئ"، لنقل "جانبك الصواب"، أو "هذا كلام خطأ"، لنقل "هذا كلام غير دقيق أو سليم"".

ولفت أبو توهة إلى أن من المهارات أيضًا الإقناع والحوار، كقصة الشاب الذي استأذن رسول الله عليه الصلاة والسلام في ارتكاب الفاحشة، أو كالأعرابي الذي امتلأ صبره شكًا في زوجته التي ولدت ولدًا أسودًا من باب التعريض.

وختم حديثه: "فلا ننسَ هنا مراعاة نفسية المخطئ، فإن أمكننا عدم المواجهة من خلال الكتابة وبالضوابط التي تحدثنا عنها فذلك أجمل، تماهيًا مع قوله عليه الصلاة والسلام "ما بال أقوام"، والمسلم بحكم دينه هو إنسان متحضر ابتداء وانتهاء بالتفنن في التعامل مع أخطاء الآخرين فربّ قفلٍ مستعصٍ يفتح بنقطة زيت واحدة".