فلسطين أون لاين

​أفضل مناظرة لعام 2017

حمامدة.. من هاوية لمدربة مناظرات

...
غزة- الخليل- هدى الدلو

عندما ينبض القلب بالإبداع والمواهب والهوايات من عند الله، لتتخذ منها سلمًا تصعد فيه نحو النجاح، لذا كان بين المحاماة وحبها للمناظرات قاسم مشترك، ويتمثل أن كلاهما يتطلب الجرأة في طرح القضية والدفاع عنها، فهي محامية صاعدة، وحبها للمناظرات نقلها من هاوية وممارسة لها إلى مدربة في مجالها لعاشقي هذا الفن..

بيان حمامدة (23 عامًا) كاتبة وناشطة شبابية، من مدينة الخليل، خريجة كلية القانون من جامعة الخليل عام 2018م، ومناظرة سابقة، ومدربة مناظرات، وأسست مجموعة "مشكاة" الشبابية في الخليل للتشجيع على العمل التطوعي الخيري.

في عام 2014م كانت بداية حكايتها مع عالم المناظرة، حين التحقت ضمن الفريق في الجامعة، وخاضت غمار العديد من المناظرات التي من شأنها أن تصقل موهبتها، ثم التحقت ببرنامج صوت الشباب المتوسط عام 2016م لتتلقى التدريب النظري مدة ستة أشهر ثم تنتقل إلى العملي، مع مؤسسة أفكار على يد الخبيرة الدولية للمناظرات نجوان بيرقدار.

وقالت حمامدة: "كان لجوئي لهذا العالم سببه أنني أحب تجربة كل شيء، خاصة الأشياء التي يكون جزء منها يتعلق بالإلقاء والإقناع، ومع ذلك لم يحالفني الحظ في أول مناظرة شاركت فيها"، وأرجعت ذلك لطبيعة الموضوع وحساسيته الذي لا يتوافق مع قناعاتها ورأيها الشخصي.

وأول مناظرة كان موضوعها يتعلق باللغة الفصحى وفرضها في المناهج التعليمية، ولم يكن موقفها كما تريد، فأخفقت بها وكان ذلك في عام ٢٠١٦، "حينها كان شعوري يغشاه القلق لأنني لم أكن مقتنعة بأدائي".

فتسلل لها شعور بأن هذا العالم لا يناسب ميولها وقدراتها، فقررت تركه والابتعاد عنه، إلا أن شغفها وحبها له أعادها إلى الطريق، فقررت الاجتهاد، وألا تتخذ من تجربتها الأولى نموذجًا، بل درجة أخرى للصعود نحو النجاح.

ولذلك طورت حمامدة ذاتها بالقراءة والاطلاع على فن المناظرة، ومشاهدة فيديوهات لمناظرين لهم باعٌ طويل في هذا الفن، والتدريب على الدمج بين الأسلوب الفكاهي والجاد في صياغة الخطابات العلمية مع عدم الإخلال بالحقائق العلمية والمعلومات الصحيحة، والمزج بين الفصحى والعامية، إلى جانب قراءتها للكتب والروايات، والتحاقها بالعديد من الدورات التي تتعلق بمجال التدريب والقيادة والريادة، والاتصال والتواصل.

المحاماة والمناظرة

رغم أن القاسم المشترك بين المحاماة والمناظرة أن كلاهما يتطلب الجرأة، إلا أن دراستها للمحاماة لم يكن سببًا في دخولها عالم المناظرات، وتتابع حديثها: "حبي لهذا العالم لم يكن وليد تلك المرحلة، فهذه التدريبات موجودة لدي منذ صغري، وقد شاركت سابقًا في فن الخطابة والشعر والزجل وعرافة الحفل، ونعم جميعها يتطلب الجرأة".

وإبداعها في ذلك المجال دفعها لصقل مواهبها وهي في الصف الثالث الابتدائي، فكانت تشارك في الإذاعة والنشاطات المدرسية المتعددة، مما ساعدها على تنمية مواهبها وشخصيتها.

فن المناظرة

والمناظرة هي مواجهة بين شخصين أو أكثر بلاغيًا، حيث يتناقشون ويتجادلون في قضية محددة، مع دعمها بالحجج والبراهين، لينتهي الأمر بالتصويت من لجنة التحكيم ليحددوا الجهة الفائزة، والتي أثبتت قدرتها في إقناع الطرف الآخر.

وأشارت حمامدة إلى أن المناظرة تعلم الشخص كيفية طرح الأسئلة والرد عليها، ومهارة ضبط النفس، ويجب على الشخص المناظر أن تكون لديه ثقة بالنفس ولغة سليمة ومخزون ثقافي، وإن لم توجد هذه الأمور من الممكن أن تُبنى له أثناء تدريب المناظرة، "والحمد لله هذا الشيء موجود لدي بنعمة من الله، وسر النجاح يكمن في العمل المتواصل مع الله والإخلاص له، ومن ثم التطوير الذاتي لنفسي"، وفق قولها.

فالمناظرات أصبحت عالمها المثالي ومدرستها الخاصة لحياتها الشخصية، وترى أن تأثيرها على النفس تأثير عال ورفيع ورائع جدًا، وأحبتها أكثر كونها تستطيع أن تخدم القضية بطرح المواضيع والتناظر حولها والخروج بورقة حلول وتوصيات يمكن توصيلها لأصحاب القرار.

خاضت حمامدة عدة مناظرات لتتوج بلقب "أفضل مُناظرة على مستوى فلسطين لعام 2017م"، هذا اللقب لم تحصل عليه على طبق من ذهب، بل تعبت من أجله كثيرًا، "لم أصدق عيني عندما قرأت اسمي على شاشة العرض، وكان شعور عظيم رغم الظروف الصعبة التي مررت بها إلا أن الله لا يخذل عبده، فأصبحت المناظرات دواء لداء الغضب وصعوبة السيطرة على النفس في حال الاندفاع أثناء النقاش"، وفق قولها.

وانتقلت نقلة نوعية من مُناظرة إلى مدربة مناظرات من خلال التدريب المكثف، فتبنت فكرة بنتها لتكوين مجموعة شبابية، فبادرت هي وزميل العمل على تدريب مناظرات بعدما أوجدت لديها القدرة الكافية لذلك، ومن ثم تلقت تدريب مدربين ودربت في أماكن عدة مما زاد من خبرتها في التدريب لتكون مدربة مناظرات معتمدة على مستوى الوطن.

أما عن العقبات التي واجهتها فتتمثل في وجود المحبطين حولها إلا أنها بحمد الله تجاوزتهم، ولفتت إلى أنها لو ألقت بالًا لكلماتهم السيئة لكانت الآن في عداد مقابر الأحياء، ولكنها آمنت بموهبتها القوية.

وتطمح حمامدة أن لا تكون مدربة محلية فقط، بل مدربة مناظرات ومحكمة مناظرات دولية، ووجهت كلمة للقارئ العزيز "كل من تتيح له هذه الفرصة عليه أن يتشبث بها ويدخل إلى عالم المناظرات الجميل الممتع".