فلسطين أون لاين

​اعترافات إسرائيلية متأخرة حول حرب غزة

دأب الجنرال الإسرائيلي يائير غولان نائب قائد الجيش السابق على مفاجأة الإسرائيليين بين حين وآخر بتصريحات غير متوقعة، تحدث نقاشا وجدلا كبيرين في الساحتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية، تسبب بإقصائه عن حلبة التنافس على منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي.

آخر هذه الاعترافات الإسرائيلية التي أعلنها "غولان" تتعلق بإحباط الجيش جراء عدم انتهاء الحرب الأخيرة على غزة بسرعة، وقد ألقى سلاح الجو 1200 صاروخ وقنبلة دقيقة، على أهداف فارغة بقطاع غزة، معرباً عن تخوف قيادة الجيش من توسيع المعركة البرية بسبب الخوف من وقوع خسائر كبيرة في صفوف الجنود، مما أضر بثقة الجنود بالقادة العسكريين، وبقدرتهم على الانتصار.

لم يكن الفلسطينيون بحاجة لهذا الاعتراف الإسرائيلي الأرفع، كي يتأكدوا مما كشفته يوميات الحرب الأخيرة في غزة، حيث لم يعد هناك مكان أو مدينة أو شارع في دولة الاحتلال آمن، ففي الوقت الذي تقلَّصت فيه "سلَّة الأهداف الإسرائيلية" للانتقام من الفلسطينيين في غزة، بقيت "سلَّة أهداف المقاومة" عديدة ومتصاعدة، وأثَّرت المقاومة بوضوح، سواء بالتعديل أو التغيير في استراتيجيات الفصائل والقوى السياسية التي باتت تؤمن بأهمية إعادة الروح لخيار المقاومة لمواجهة العدوان الإسرائيلي.

تؤكد هذه الاعترافات التي تأخرت أكثر من أربع سنوات على انقضاء حرب غزة، أن المقاومة قاتلت في مواقع لا يستطيع جنود الاحتلال التوغل فيها، وهذه حقيقة تتعلق بالموقف والخيارات العسكرية الإسرائيلية، وتتجسد في أن العدو لم يَعُد قادرًا على دخول المناطق التي خرج منها؛ لأن من شأن ذلك أن يزجّ بجنوده في دوائر النيران في الناحية القتالية المباشرة، وعلى المدى البعيد يعرض قواته لخسائر وأعباء فادحة طالما حلم بالتخلص منها.

أفرزت حرب غزة تطورًا خطيرًا كان له أثره الجوهري على مستقبل المواجهة على الأراضي الفلسطينية، لتكريس نوع آخر من شكل "خط المواجهة أو النيران"، مما أعطى إمكانية لشكل أوسع من الاشتباك المنظم وحرب المجموعات الصغيرة ضد خطوط العدو التي باتت محدودة من حيث الحجم والامتداد.

هناك ميزة أخرى خدمت تطور المقاومة في غزة قتاليًّا في الحرب الأخيرة، وفرها قطاع شاسع من المناطق الحدودية الحرجية والكروم الزراعية، حيث تمكنت المقاومة من استنزاف قدرات الجيش الإسرائيلي، وشكلت مناطق صالحة لتحرك المجموعات المقاتلة المتسلِّلة أو المنظمة.

أخيراً.. لقد جاءت الاعترافات الإسرائيلية الأخيرة لتكشف أساليب هجومية خطيرة شهدتها حرب غزة ضد أهداف إسرائيلية منتخبة؛ اعتبرها الإسرائيليون تصعيدًا وتطورًا خطيرين، دفعتهم للقول إن الحرب التي أدارها الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن ضد الحركات الفلسطينية المسلحة هي حرب أدمغة وابتكارات وأساليب جديدة.