فلسطين أون لاين

​التي ينصبها الاحتلال في الضفة الغربية

الأطفال صالح ومروة ومنجد.. ضحايا على "حواجز التعذيب"

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ خضر عبد العال:

يمشي الطفل صالح أبو شمسية في طريقه نحو مدرسة قرطبة الأساسية الواقعة في شارع الشهداء وسط البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، محتميًا بـ"كشفات" المنازل من أمطار الشتاء ليصطدم بحاجز احتلالي إسرائيلي أطلق عليه "حاجز الكونتينر" وتبدأ قصة معاناة جديدة.

يروي الطفل أبو شمسية -وهو في الصف الرابع الأساسي- لصحيفة "فلسطين" قصة المعاناة التي يعيشها وزملاءه في أثناء طريقهم للمدرسة، بالقول: "يوقفنا جندي الاحتلال تحت المطر ويظل يسألنا: من أين أنتم؟ وإلى أين تذهبون؟ ولماذا أتيتم إلى هنا؟ ليأخرنا عن موعد المدرسة ويوميًّا على هذا الحال".

ويواصل صاحب التسع سنوات سرد معاناته اليومية مع "حاجز الكونتينر" والتي تخضع لمزاج "ضابط الاحتلال المناوب"، ففي بعض الأحيان يمنع عبور الطلبة فلا يتمكنون من الذهاب للمدرسة، وأحيانًا أخرى يسمح لهم بالعبور بعد تفتيش وتنكيل، ما يعوِّقهم ويؤخرهم عن موعد الدراسة.

"عدا عن هذه المعاناة، بعض الجنود يسبوننا ويشتموننا بألفاظ سيئة"، يضيف أبو شمسية.

أما أخته مروة (11 عامًا) فتؤكد المعاناة اليومية التي يتعرض لهم الطلبة في طريق ذهابهم للمدرسة، بقولها: "كل يوم الاحتلال يوقفنا تحت المطر، وكل مرة بذريعة جديدة".

وتروى الطفلة التي تدرس في الصف السادس الابتدائي تفاصيل جديدة عن المعاناة بعد تجاوز الحاجز، حيث يجبرها جنود الاحتلال على فتح الحقيبة المدرسية لتفتيشها مرة تلو الأخرى، وما إن تنتهي من الحاجز والتفتيش حتى تظهر معاناة جديدة من المستوطنين الذين يعيشون بالقرب من المدرسة ويعترضون طريقهم.

وفي المدرسة التي هي عبارة عن بيت قديم، وسط حي يسكنه مستوطنون، يتلقى نحو 160 طالبا وطالبة فلسطينيين تعليمهم ضمن المرحلة الأساسية.

وهذه الإجراءات التعسفية بحق الطلبة الفلسطينيين عاقت بعضهم عن مواصلة مسيرتهم التعليمية، ودفعت آخرين لتركها كليًا، حسبما يذكر عبد الرحمن السلايمة مدرس في مدرسة قرطبة.

ويقول السلايمة لصحيفة "فلسطين": "هذه الحواجز إذلالية، لا يوجد اعتبار للأطفال، والمرضى، وكبار سن، وطلبة المدارس، هذا احتلال غاشم، زرع عشرات الحواجز داخل هذه المنطقة المغلقة، حيث يوجد كل 50 مترًا حاجز، ما جعل كثيرًا من الطلبة يتأخرون عن مدارسهم، وطلابًا آخرين تركوا المدرسة بسبب عمليات التنكيل والتفتيش اليومية على الحواجز".

مديرة المدرسة نورا نصار، توضح لصحيفة "فلسطين" أن المدرسة تقدم تعليمها إلى الطلبة من الصف الأول الابتدائي حتى العاشر الثانوي، وتُفتِّشهم قوات الاحتلال تفتيشًا مريعًا ومهينًا، إلا أنهم مصرون على الوصول برفقة المعلمين إلى المدرسة يوميًّا.

وتقول نصار: إن "الاعتداءات الإسرائيلية من جنود الاحتلال والمستوطنين لا تتوقف بحق الطلبة والمعلمين".

وأصيبت نصار خلال عملها في إدارة المدرسة وعدد من طلابها، مرات عدة بفعل اعتداءات المستوطنين عليهم.

وتؤكد ضرورة استمرار المدرسة في عملها رغم اعتداءات الاحتلال، "وهذا أبسط الحقوق الأساسية للأطفال، ونسعى لتحقيقها كاملة".

88 حاجزًا احتلاليًّا

حال طلبة مدرسة قرطبة لا يختلف عن حال كثير من مدارس الضفة الغربية، حيث يوجد نحو 88 حاجزًا احتلاليًّا -حسب مركز "بتسليم" الإسرائيلي- منتشرين في أنحاء الضفة يقطعون على الفلسطينيين طرق وصولهم نحو مصالحهم.

وبالانتقال لشمالي الضفة نجد طلاب مدرسة ذكور طورة الثانوية والتي تقع في قرية طورة غرب مدينة جنين يمرون في ذات المعاناة التي شهدناها في السطور السابقة.

فهذا منجد الخطيب (16 عاما) من قرية ظهر المالح المعزولة خلف جدار الفصل العنصري، جنوب غرب مدينة جنين، يقول لصحيفة "فلسطين" إن المعاناة التي تواجهني وزملائي الطلاب كبيرة جدًا، حيث يعترض طريقنا في أثناء ذهابنا للمدرسة حاجز عسكري، غالبًا ما يؤخرنا عن دوامنا المدرسي".

ويقص الخطيب وهو في الصف العاشر إحدى قصص المعاناة التي عايشها: "في نهاية الفصل الدراسي الأول، أغلق جنود الاحتلال الحاجز، وعليه لم نستطِع الذهاب للمدرسة لتقديم الاختبارات النهائية".

ويشير الخطيب إلى أن الاحتلال في بعض الأحيان يلجأ لإغلاق الحاجز في أثناء طريق العودة من المدرسة، الأمر الذي يجبر الطلبة على الانتظار لساعات طويلة حتى يتم فتح الحاجز.

"حتى الأطفال لم تسلم من تفتيش الآلة"، يضيف الخطيب في ذكره صنوف معاناة الطلبة الفلسطينيين عبر حواجز الاحتلال، حيث يخضع الطلبة لتفتيش دقيق ومن خلال آلة إلكترونية، عدا عن أخذ الحقائب المدرسية وتفتيشها ثم رميها وما فيها ليقول الجندي الاحتلالي: "خذ أغراضك".

ويلفت إلى أن الطلبة في الأصل يجب أن يمروا من خلال طريق لا يخضع للحاجز إلا أن جنود الاحتلال يجبرونهم على العبور من خلال الحاجز.

وقبل نحو شهر، خرج الخطيب من بيته مستعجلًا وسار في الطريق الذي لا يخضع للحاجز، حيث كان نحو 100 عامل من العمال الفلسطينيين في انتظار عبورهم الحاجز، فتهجم عدد من جنود الاحتلال عليه، واعتدى عليه أحدهم جسديًا واحتجزه نحو ساعة، وفي هذه الأثناء كان قد تأخر عن المدرسة ولم يستطِع حضور الحصة الأولى.

ويؤكد أن مثل هذه الإجراءات تؤثر بلا شك على نفسية الطلبة، بقوله: "تخيل نفسك طالب إعدادي أو ثانوي ويجبرك جنود الاحتلال على المرور عبر حاجز عسكري؟ بالطبع هذا الأمر يؤثر سلبًا على الطلبة".

ويطالب الخطيب منظمات حقوق الإنسان الدولي بتوفير أبسط حقوق الأطفال في تعليم آمن بعيد عن اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه.