فلسطين أون لاين

صالح: "طوفان الأقصى" أسقطتْ النّظرية الأمنية "الإسرائيليّة" وشكّلت نقطةً فاصلة في التّاريخ الفلسطيني

...
غزة- بيروت/ حوار محمد الأيوبي

المقاومة هي الأولوية الكبرى للشعب الفلسطيني وتأييد مشروع السلطة في تراجع

أمريكا شريك لـلاحتلال في عدوانها والموقف العربي والإسلامي لا يتجاوز التصريحات

جهود وقف العدوان فشلت بسبب التعنت الإسرائيلي وما يُطلب من المقاومة هو الاستسلام

توسيع المقاومة اللبنانية ضرباتها يشكل دعماً أكبر لغزة ويزيد التعقيدات أمام الاحتلال

أكد المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، د. محسن صالح، أن معركة "طوفان الأقصى" أسقطت النظرية الأمنية "الإسرائيلية" وفكرة الملاذ الآمن لليهود الصهاينة على أرض فلسطين، وشكلت نقطة فاصلة في التاريخ الفلسطيني، وأفشلت فكرة عزل فلسطين عن محيطها العربي والإسلامي من خلال تصديها للتطبيع

وقال صالح في حوار مع "فلسطين أون لاين"، إنه "لم يعد بعد معركة "طوفان الأقصى" شعور حقيقي لدى اليهود الصهاينة أن فلسطين تصلح مكان أمن وملاذ لإنشاء دولة مستقلة ودائمة، حيث تصاعدت ظاهرة الهجرة المعاكسة لدى اليهود بنسبة كبيرة جدًا، إذ هاجر أكثر من 550 ألف يهودي من فلسطين خلال أول شهرين من المعركة.

وأضاف أن العالم الغربي أصبح يدرك أن الكيان "الإسرائيلي" لم يعد يصلح أن يكون شرطي المنطقة والقلعة المتقدمة للعالم الغربي وسياساته، لأنه إذا فشل في مواجهة مجموعة من المقاومين في قطاع غزة فمن المؤكد أنه سيفشل في أداء هذا الدور على مستوى البيئة العربية والإسلامية في المنطقة.

قلبت الحسابات

وشدد على أن هذه المعركة قلبت الحسابات "الإسرائيلية" بشكل كامل، وأفشلت فكرة عزل فلسطين عن محيطها العربي والإسلامي من خلال تصديها للتطبيع وإسقاطها لمسار التعاون بين (إسرائيل) وعدد من الدول العربية ثم الاستفراد بقضية فلسطين لإنهائها وشطبها، وأعادت الحياة للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن معركة "طوفان الأقصى" أثبتت أنه لا يمكن إلغاء أو تجاهل الشعب الفلسطيني أو قضيته.

وأكمل: "قضية فلسطين، وبعد أكثر من 106 سنوات منذ الاحتلال البريطاني، دائما تعود لتتصدر الأوضاع والبيئة العالمية، وكلما أرادوا شطبها أو تجاهلها تعود من خلال الانتفاضات والثورات وتفرض نفسها من جديد".

وأشار إلى أن "طوفان الأقصى" جعل قضية فلسطين تتصدر المشهد الدولي بعد أن كادت تضيع، خاصة مع وجود حكومة "إسرائيلية" متطرفة تعمل على مصادرة القدس والمقدسات والضفة الغربية، وتسعى لإلغاء المقاومة في قطاع غزة.

ولفت إلى "طوفان الأقصى" أعادت السردية الفلسطينية إلى العالم، وأسقطت السردية "الإسرائيلية"، ما حول الكيان "الإسرائيلي" إلى كيان منبوذ ومعزول على المستوى العالمي، وجرمت قادته وجرتهم إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

أردف: أنه "أصبح النزيف متبادلاً بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين"، بعد أن كان النزيف فلسطينيًا مستمر مع مكاسب "إسرائيلية" مستمرة.. ورغم المعاناة الفلسطينية هناك أيضاً معاناة "إسرائيلية" كبيرة على عدة أصعدة، تشمل الجيش والمجتمع "الإسرائيلي" والاقتصاد والسياحة، فضلاً على الهجرة المعاكسة، مؤكدًا أن هذا الاستنزاف، إذا استمر لفترة طويلة، سيجعل المستعمر غير قادر على البقاء في هذه الأرض.

كما أن "طوفان الأقصى"، أعطى حالة الهام للشعوب العربية والإسلامية، ما دفعها لمتابعة النموذج الفلسطيني ودفعت فيه الأمل لإمكانية تحرير فلسطين والتغيير وإيجاد نهضة وبيئة عربية مساندة لهذه القضية، وفق صالح.

نقطة فاصلة

وفيما إذا كانت المقاومة توقعت ردة الفعل "الإسرائيلية"، أشار السياسي الفلسطيني، إلى المقاومة في غزة أعدت كل ما تستطيع لإيجاد بيئة مقاومة في قطاع غزة بحسب إمكاناتها، وأن المقاومين اشتغلوا بأظافرهم وأسنانهم سواء في التصنيع الحربي والتدريب والتأهيل أو تجهيز الحاضنة الشعبية أو حفر والأنفاق أو تجهيز كل ما يستطيعون حسب امكاناتهم.

وأوضح صالح أن ردة الفعل "الإسرائيلية" العنيفة والهائلة لم يكن سببها المقاومة بالقدر المعتاد، وإنما النجاح المذهل لعملية "طوفان الأقصى"، والتي شكلت نقطة فاصلة في التاريخ الفلسطيني، والفشل "الإسرائيلي" الهائلة وسقوط النظرية الأمنية "الإسرائيلية" وتمريغ أنف جيش الاحتلال في التراب وهو ما دفع (إسرائيل) إلى هذا التوحش الهائل في ردة فعلها، في محاولة لاستعادة صورتها وهيبتها أمام العالم.

وأضاف أن هذا التوحش "الإسرائيلي" تسبب بإسقاط كل طرحه العالمي واسقاط التعاطف العالمي معه وتضييع سرديته القائمة على "حق الدفاع عن النفس" وكونه "واحة الديموقراطية" وموضوع "العداء للسامية" وانكشافه لكل العالم وحوله إلى كيان منبوذ.

ولفت إلى أن موقف المقاومة الفلسطينية، ينسجم مع تاريخ حركات التحرر في مواجهة المستعمرين عبر مئات السنين، مؤكدًا أن هناك حالة دائمة من عدم التوازن في القوة بين المحتل والقوى المستضعفة تحت الاحتلال، حيث يستغل المستعمر هذا الفارق لضرب الضحايا، وخاصة المدنيين الأبرياء. ولكن، شدد على أن المقاومة، ما دامت تحت الاحتلال، ملزمة بمواصلة نضالها للخروج من "عنق الزجاجة".  وأوضح أن ضحايا المستعمرين لا يجب أن يكونوا وسيلة لفرض الإذعان على الشعب لأجيال قادمة، بل على الشعب أن يتحمل التضحيات من أجل التخلص من الاستعمار إلى الأبد.

وأشار إلى أن هذا النموذج من التضحية المتكررة حدث في صراعات تاريخية، مثل الروس الذين فقدوا 26 مليون شخص في مواجهة الألمان في الحرب العالمية الثانية، والفيتناميين الذين قتل منهم أكثر من 2 مليون خلال حربهم مع الأمريكيين، وكذلك الجزائريين الذين استشهد منهم 1.5 مليون في حربهم ضد فرنسا، وأيضاً الأفغان الذين قدموا أكثر من مليون شهيد في مقاومتهم ضد الاحتلال الأمريكي.

وأكد أن المقاومة الفلسطينية لا خيار لها سوى مواصلة المقاومة واستنزاف العدو، حتى تصبح خسائره أكبر من قيمة وجوده، مضيفًا أن هذا التضحيات ممر اجباري للوصول الى مشروع التحرير، وإلا إذا كان تجنب قتل المدنيين هو الأساس فهذا يعني أن الاستعمار سيتجذر وسيبقى ويلغي هوية الشعب وسيلغي الانسان وسيسيطر على الأرض وسيقوم بالتهجير والاستعباد والسيطرة على الثورات.

لذلك، شدد صالح على أن خيار المقاومة والتضحية هو خيار ضرورة لا بد منه، من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق التحرير.

التعاطف الدولي

وبخصوص استثمار "طوفان الأقصى" في تدعيم الموقف الفلسطيني دوليًا، قال إن الفلسطينيون استفادوا من المعركة في دعم موقفهم الدولي، حيث زاد التعاطف الدولي بشكل هائل على المستويين الشعبي والرسمي، وهو ما انعكس في التصويت في الأمم المتحدة وفي عزلة الكيان الإسرائيلي دولياً وجره إلى محكمة العدل الدولية وجر عدد من قادته إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف أن هذا الدعم تجلي في عشرات الآلاف من المظاهرات على المستوى العالمي بما فيها الولايات المتحدة ودول الغرب، خاصة من وجود جيل شاب من طلبة الجامعات الذين يناصرون فلسطين والحق الفلسطيني والرواية الفلسطينية ويضغطون على حكوماتهم، مؤكدًا أن هذا الجيل الشاب مع مرور الزمن هو من سيتولى القيادة ويملئ الفراغات، ما سيحدث على المدى المتوسط والطويل حالة تغيير لصالح القضية الفلسطينية.

موقف السلطة

وفيما يتعلق بالدور الدبلوماسي للسلطة في رام الله، أكد صالح أن دور قيادة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية لا يتناسب مع حجم معركة "طوفان الأقصى" التي تخوضها المقاومة في قطاع غزة ولا يعي خطورة المرحلة.

وأضاف: "رغم أن هناك بعض الأدوار المهمة التي تقوم بها على المستوى الدولي في كشف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، خاصة من خلال سفراء نشطين في بريطانيا والولايات المتحدة وفي مؤسسات الأمم المتحدة، لكن منظومة العمل الدبلوماسي الفلسطيني لا تزال قاصرة بشكل كبير على أن تتناسب بشكل معقول مع خطورة المرحلة وخطورة المعركة التي تقودها المقاومة والتصعيد الهائل الذي يقوم به الصهاينة المتوحشون".

وأكمل حديثه: "للأسف قيادة السلطة ومنظمة التحرير مازالت تتبنى مسار التسوية السلمية الذي مات وانتهى والذي نبذه الصهاينة وما تزال تتبنى فكرة "حل الدولتين" التي دمرها الاحتلال بنفسه وما تزال تنسق أمنياً مع الاحتلال في الضفة الغربية وتلاحق المقاومة وتمنعها من العمل المقاوم في الضفة وإسناد غزة بالشكل المناسب، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على مشروع المقاومة ويفقد السلطة وقيادتها الكثير من مصداقيتها"، منبهًا إلى أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين، تصل إلى 80%، لا تثق بالرئيس محمود عباس، مع وجود نسبة أكبر من المطالبين باستقالته.

وأكد أن السلطة عندما تشكل حكومة تشكلها دون مشاركة مع قوى المقاومة، ولا ترتقي بأدائها إلى مستوى المرحلة من خلال محاولة توحيد الصف الفلسطيني وترتيب البيت الفلسطيني بتوافق داخلي يعكس أوزان القوى السياسية الفلسطينية، مشيرًا إلى أنها لا تستثمر الطاقات الهائلة والرائعة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج في المعركة الدبلوماسية والمعركة السياسية، وإنما تعتمد على فصيل فلسطيني واحد وأنصاره.

ورأى أن الكثير جدًا من الطاقات الهائلة للشعب الفلسطيني تكون مغيبة في العمل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني، ولو أنها استفادة من طاقات الشعب الفلسطيني في بيئة وحدة وطنية متماسكة لكن الأداء أضعاف أضعاف.

الأولويات الفلسطينية

وفيما يتعلّق بترتيب الأولويات الفلسطينية، أشار صالح إلى أن "طوفان الأقصى" أعاد تأكيد الإطار الشعبي والفصائلي للأولويات المتعلقة بالقضية الفلسطينية على الأرض. وأكد أن المقاومة أصبحت الآن هي الأساس والأولوية الكبرى للشعب الفلسطيني، حيث تلتف حولها الحاضنة الشعبية بشكل كبير.

في المقابل، والحديث لصالح، تراجع التأييد لمسار التسوية السلمية ومشروع السلطة الفلسطينية باتجاه ملاحقة السراب الذي اشتغلت عليه طوال 38 عامًا للوصول إلى دولة فلسطينية من خلال التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، والذي اكتشف الجميع أنه كان ممارسة إسرائيلية تدير من خلاله ملف التسوية للوصول إلى مزيد من التهويد والاستيطان والاستخدام الوظيفي للسلطة الفلسطينية لخدمة أغراض الاحتلال وليس للوصول الى دولة فلسطينية.

وشدّد على أن الأولوية الأكبر للشعب الفلسطيني أصحبت هي دعم مسار المقاومة مع تراجع الأوليات المتعلقة بالتسوية ومسارتها والسلطة وعملها، وهو ما دفع أيضا باتجاه أولويات أخرى مرتبطة بضرورة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق الثوابت الفلسطينية، وعمل قيادة مرحلية تهيئ لترتيب البيت الفلسطيني بشكل يعكس الإرادة الشعبية الفلسطينية الكاملة في الداخل والخارج، وصناعة القرار الفلسطيني الداخلي المستقل الذي لا يتأثر بضغط إسرائيلي أو أمريكي أو خارجي.

وعن الدور الأمريكي لوقف العدوان، أكد أنه "لا تعويل على الدور الأمريكي، باعتبارها شريك أساسي للكيان الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، وزودته بأكثر من 45 ألف طن من المتفجرات وبكافة أنواع الأسلحة، وهي تسوق الكيان على البيئة العربية والدولية وتغطي الغطاء الدولي للاستمرار في مجازره وتوحشه"

وأشار إلى أمريكا تحاول أن تبيض صورة الاحتلال وتنظفها في البيئة العالمية، وتستخدم الفيتو لإيقاف أي مشاريع لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وهي شريك في العدوان والتحالف مع العدو الإسرائيلي لمحاولة تسويقه في المنطقة وتبييض صورته.

وفيما يتعلق بفرص نجاح أي جهود لوقف العدوان الإسرائيلي، ذكر أن الكثير من المبادرات وجولات المفاوضات فشلت بسبب التعنت الإسرائيلي، خاصة مع إصرار بنيامين نتنياهو على البقاء في السلطة ووضع شروط لا يمكن تنفيذها ولا يمكن أن تقبلها المقاومة، كاستمرار احتلال أجزاء من قطاع غزة، وعدم الرغبة في دفع أثمان حقيقية لإنجاز ضفقة تبادل أسرى مشرفة، ومحاولة فرض رؤيته لمستقبل قطاع غزة وكأنه لا إرادة للشعب الفلسطيني ولا احترام لقراراته، وهو ما لا أن يقبله الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن التعطيل الحقيقي للمفاوضات يأتي من الطرف الإسرائيلي، ما حوّلها إلى حالة عبثية ولا خيار للشعب الفلسطيني الا مواصلة المقاومة، لأن ما يُطلب ليس الوصول إلى صفقة، بل الاستسلام والإذعان للإرادة الإسرائيلية، وإعادة استعباد الشعب الفلسطيني وإذلاله مع استمرار مشاريع لتهويد فلسطين وتهميش قضيتها وشطبها على الصعيدين العربي والدولي.

وأضاف صالح أن في ظل هذه الظروف، لا خيار للشعب الفلسطيني سوى المقاومة وفرض شروطه على الاحتلال الإسرائيلي، "وإرغام أنف نتنياهو وجماعته في التراب حتى يستجيب للشروط الفلسطينية".

وفي رده على سؤال بخصوص اليوم التالي لغزة بعد الحرب، ذكر صالح أن الاحتلال الإسرائيلي يريد أن تحكم غزة بإرادة إسرائيلية، وتكون له صناعة القرار الفلسطيني، وأن يجعل نفسه وصياً عليها، مشددًا على أنه لا يمكن لشعب تحت الاحتلال أن يكون العدو المستعمر هو من يقرر مصيره.

وأضاف أن هناك عدة مقترحات طُرحت، منها وجود قوات دولية تنفذ الأجندة الإسرائيلية، أو قوات عربية تخضع للشروط الإسرائيلية وتنفذها، بالإضافة إلى مقترحات أخرى تتعلق بوجود السلطة الفلسطينية تحت المعايير الإسرائيلية. وأشار إلى أن هذه المعايير الإسرائيلية تشكل جوهر الأزمة، واساس العقدة كاملة وجود مقاومة فلسطينية قوية في قطاع غزة، لذلك، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى نزع سلاح غزة لضمان عدم تشكيلها خطراً عليه، بينما في الوقت ذاته يصر على البقاء كقوة مهيمنة ومصدر التهديد للشعب الفلسطيني بأكمله.

وشدد على أنه لا خيار أمام المقاومة إلا أن تتابع مقاومتها حتى لا تفرض عليها هكذا شروط وتصورات وتفرض هي شروطها في دحر الاحتلال ووقف عدوانه، وعقد صفقة أسرى حقيقة مشرفة، وإعادة اعمار غزة، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع.

المقاومة اللبنانية

في إجابته عن سؤال حول ما تسعى إليه (إسرائيل) من الحرب على لبنان، أوضح صالح أن الاحتلال يحاول فرض شروطه على حزب الله لوقف ضرباته ضد (إسرائيل) ووقف دعمه للمقاومة الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة. وذكر أن الهدف من ذلك هو عزل المقاومة في لبنان عن دعم الشعب الفلسطيني وغزة، ما يتيح للاحتلال الفرصة للاستفراد بقطاع غزة، مشيرًا إلى أنه في حال نجح الاحتلال في وقف ضربات المقاومة اللبنانية، سيتمكن من إعادة المستوطنين المهجرين إلى شمال فلسطين.

ورغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها المقاومة اللبنانية، وخاصة على المستوى القيادي، والحديث لصالح، فإنها ترفض الانصياع لشروط الاحتلال، وترفض ترك الشعب الفلسطيني وقطاع غزة يواجهان الاحتلال بمفردهما. وأكد أن المقاومة اللبنانية ستواصل عملياتها بشكل أكبر، ما يعني أن الاحتلال الإسرائيلي لن يحقق أهدافه سواء بعزل المقاومة أو بإعادة مهجريه، بل بالعكس، فإن تصعيد (إسرائيل) لضرباتها في لبنان سيؤدي إلى توسع المقاومة في ضرباتها بشكل أكبر، مما سيفاقم أزمة المهجرين الإسرائيليين ويزيد المعاناة الإسرائيلية من ضربات المقاومة، لافتًا إلى أن هذا الاستنزاف المتزايد سيشكل دعماً أكبر وأقوى لقطاع غزة، وان ما يقوم به الاحتلال سينعكس عليه سلباً، وسيجعله يدفع ثمناً مضاعفاً جراء سياساته.

وعن الموقف العربي والإسلامي من جرائم الاحتلال في غزة، بين صالح أن هذا الموقف لا يرتقي إلى مستوى الدعم المطلوب لنصرة غزة وفلسطين ومواجهة العدوان الإسرائيلي عليها، مشيرًا إلى أن عدد من الأنظمة العربية مازالت تمارس التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، بل وتقدم له الغذاء والنفط وغيره، وحتى دعم ضرباته ضد المقاومة بشكل غير معلن بسبب عدائها للإسلام السياسي وخط المقاومة وبذلك، أضاف، تشارك هذه الأنظمة في الحصار على غزة وإن كان ذلك بشكل غير معلن منها.

وأوضح أن الاكتفاء بالمواقف السياسية والتصريحات الداعية لوقف العدوان أو الانسحاب، إلى جانب إرسال بعض المعونات الإنسانية والطبية، لا يعدو كونه إما ذراً للرماد في العيون أو موقفاً ضعيفاً من أنظمة لا تملك القدرة على التحرك الفعلي. وأكد أن المقاومة في غزة قدمت ما لم تقدمه أي من الجيوش العربية، ما يعكس فشل الدول العربية في تحمل مسؤولياتها على الأقل في الحدود الدنيا من مسؤولياتها.

وختم صالح حديثه أن الأنظمة العربية فسادة ومستبدة، وتقع تحت الهيمنة الغربية والأمريكية، ولا تعبر عن إرادة شعوبها، وهي مشغولة بقمع شعوبها بدلاً من عمليات النهضة والتقدم ونصرة القضايا الكبرى مثل قضية فلسطين، مؤكدًا أن هناك فجوة كبيرة يجب أن تجتازها تلك الأنظمة قبل أن يمكن القول إنها تقوم بدورها المطلوب أو حتى بالحد الأدنى المطلوب منها.