كن ما تشاء ولكن كن أنت، كن أصلاً ولا تكن صورة، فأنت صاحب عزة وجاه خلقت بموهبة وقدرات اختصك الله بها وأمرك باكتشافها وتطويرها، أنت اسم ودين وقيم وتاريخ، فهذه ذاتك صنيع الله على أرضه وخليفته وفق هديه وشريعته، تنتمي لأمة عظيمة، ورجل أعظم، صاحب فكر وسلوك وطموح وتَميز، أنت الماضي والحاضر، بل المستقبل والغد، أنت أكبر من اسمٍ وبلدٍ، وحدودٍ ونسب، فهل تعرف ذاتك وتعيها وعيا كاملاً.
التفت حولك، وتعّرف على من حولك جيداً، فلا يَعرف ذاته من لا يعرف من حوله، إن من يلتفت حوله يعي ذاته جيداً، ومن يلتفت لدراسة التاريخ وتحليل أمجاد أمته وأسباب عزتها، لا شك يشعر بمزيج من الفخر بماضيها المشرق والحرقة والشوق الدافعين إلى العمل الجاد الذي يهدف إلى إعادة عزتها وهو موقن بأن الله لا يُخلف وعده.
وشتان بين من يمشي مكباً على وجهه لا يعرف ذاته ولا يثمنها ومن يمشي سويا على صراط مستقيم أساسه الوعي المتجدد بالذات وتزكيتها الواعية والمنهجية الأصيلة على درب الفلاح والسعادة ، مستنداً لأمجاد رُسمت بدماء المخلصين من الأوائل والتابعين.
كن أنت كي تنفع مجتمعك وتساهم في بناء أمتك واستعادة دورها الريادي، وسط ظلمات وظلم، وسط جهل وضياع علم، ربما تشعر بالفخر يوماً وبهمة الرجال تدنو وتطرق أبواب جنة غالية عرضها السموات والأرض.
كن ما تشاء ولكن كن فلسطيني الهوى، عربي الهوية، مسلم الانتماء، تفخر بثرى وطن وتعشق ماءه، بلا لون، ولكن برائحة الحب وطعم العشق لقطرات ندى غزية، كن متنكراً لماضٍ مؤلم، ورافضاً لواقعٍ ضبابي الصورة، وكن مستقبلاً مشرقاً لغدٍ تكون أنت فيه الصورة، بل الأصل لكل ما هو مشرق بعيونك الجميلة، بعيونك الفلسطينية الأصيلة، كن أنت وكن ما تشاء ولا تكن صورة من أحد.