بعد صمت طويل، تحدث بيني غانتس قائد الجيش الإسرائيلي السابق، وألقى برنامجه الانتخابي: داخليا وخارجيا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مما أسفر عنه حصول انقلاب في مشهد استطلاعات الرأي الإسرائيلية لصالحه، وبعكس مصالح بنيامين نتنياهو، الذي يصف نفسه "ملك ملوك إسرائيل".
لم يكن غانتس آخر الجنرالات الإسرائيليين الذين دخلوا الحلبة السياسية والحزبية، لكنه أكثرهم تأثيرا على ما يبدو، لاسيما بعد أن أنشأ حزبا سياسيا خاصا به، وبدأ يحقق نجاحات في استطلاعات الرأي، وبجانبه موشيه يعلون وزير الحرب وقائد الجيش الأسبق، واتفقا على الدخول بشراكة انتخابية، كفيلة بأن تسقط نتنياهو.
اقتحام العسكر الإسرائيليين لم يتوقف بعد، فهناك تسريبات تتحدث أن غابي اشكنازي رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق ينوي دخول المعركة الانتخابية، دون أن يوضح حتى اللحظة لمن سينضم من الأحزاب القائمة.
كما تأكد دخول جنرالين آخرين للأحزاب المنخرطة فعلا، وهما: يوآف غالانت وزير الإسكان السابق وقائد المنطقة الجنوبية الأسبق في الجيش، وأورنا باربيبا قائدة قسم الموارد البشرية في الجيش السابقة، وبجانبهما الجنرالان يوم توف سامية قائد المنطقة الجنوبية الأسبق، وغال هيرش المفتش العام السابق للشرطة.
شهدت السنوات السبعون من عمر (إسرائيل) طلبا على الجنرالات من الأحزاب السياسية، وهذا منطقي ومتوقع، وشكّل دخولهم عالم العمل السياسي والحزبي مدخلا لتوجهات مصيرية في الدولة، وقرارات غير مسبوقة.
فإسحاق رابين وقع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين، الذي أنشأ السلطة الفلسطينية، وكسر محرمات ثابتة في مواقف الدولة، وصافح ياسر عرفات، وحصل معه على جائزة نوبل للسلام، حتى قتله متطرف إسرائيلي.
أريئيل شارون لم يقل في قراراته الإستراتيجية عن رابين، فقد انسحب من قطاع غزة، وطرد آلاف المستوطنين من المستوطنات التي بنوها في القطاع، وأحدث انشقاقا في حزب الليكود.
إيهود باراك، الجندي الأول في (إسرائيل) الذي حصل على أكبر عدد من الأوسمة العسكرية، وحين دخل الحلبة السياسية انسحب من جنوب لبنان، ووافق على خطة كلينتون للسلام مع الفلسطينيين، وفي عهده اندلعت الانتفاضة الثانية.
تزايد النكهة العسكرية لانتخابات سياسية يعني أن هؤلاء الجنرالات، يشكلون مصدر قلق جدي لنتنياهو، الذي يفتقر للماضي العسكري، رغم محاولاته المستميتة في كل مناسبة لإلصاق نفسه عنوة في هذا المضمار.
لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون الفوز والانتصار حليف هؤلاء المرشحين القادمين لتوهم من القواعد العسكرية وناقلات الجند، رغم التفويض الذي قد يحصلون عليه باتخاذ قرارات كبيرة، كما سيرد لاحقاً، مع العلم أن ما قدموه من أداء عسكري كبير لحفظ أمن الدولة، لا يعطيهم نجاحا تلقائيا في المجال السياسي، لأن القيادة السياسية المدنية قد تحتاج مواصفات مختلفة كليا عن نظيرتها العسكرية.