تابع كاتب السطور في الأسابيع الأخيرة تركيزا إسرائيليا نحو ظاهرة جديدة تضرب عصب الحياة الأكاديمية والعلمية، كانت كامنة إلى وقت قريب، حتى وصلت معدلات إحصائية يصعب السكوت عليها، تتمثل في "هجرة الأدمغة"، وتتجلى بوجود أعداد متزايدة من العلماء والباحثين الذين يغادرون إسرائيل، ويذهبون لجامعات غربية.
بودي البدء بلغة الأرقام الأهم والأوضح من أي إنشاء:
- 1725 باحثا إسرائيليا يعملون في الولايات المتحدة، أي ثلث عدد المحاضرين المقيمين بإسرائيل، مما جعلها الدولة الأكبر بتصدير الكفاءات العلمية للولايات المتحدة نسبة لعدد سكانها، ويزيد عن عدد أعضاء السلك الأكاديمي لجامعة تل أبيب البالغ 1100 محاضر.
- -2340 آخرين لديهم شهادة الدكتوراه يقيمون خارج إسرائيل، يجعلها تحتل المرتبة 16 عالميا بأعداد الخريجين من جامعاتها، ويعملون بالولايات المتحدة، ونسبتهم 1.3% من الباحثين الأجانب هناك.
- -33 ألفا من حملة الشهادات الأكاديمية الإسرائيليين أنهوا تعليمهم بين 1980–2011، يعيشون 3 سنوات خارج إسرائيل، يحملون شهادات في العلوم والهندسة، 11% منهم يعملون خارجها، بينما نسبتهم عام 2013 لم تتجاوز 9.9%، متخصصين في مجالات: الرياضيات والحاسوب والصيدلة وهندسة الطيران والهندسة الطبية الحيوية.
- توجهات الباحثين الإسرائيليين نحو الهجرة أكبر من العودة، ففي 2017 عاد 601 منهم لإسرائيل، فيما عاد 700 في 2016، و900 في 2014، وبلغ عدد مغادريها في 2017 أعلى بـ2081 ممن عادوا إليها.
كثيرة هي الأسباب الكامنة خلف الهجرة الأكاديمية من إسرائيل للولايات المتحدة والجامعات الغربية، أولها أن الراتب المرتفع هناك يعطى للمحاضرين في المجالات المطلوبة وفقا لنوعية التدريس، بينما الراتب في إسرائيل موحد للجميع.
ثاني الأسباب يكمن بالنقص الشديد في الكفاءات الأكاديمية الإسرائيلية، ثم الميزانيات الضئيلة في مجال الأبحاث، فمنحة البحث التي تقدمها الجامعة الأمريكية تبلغ 150 ألف دولار، فيما نظيرتها بالجامعات الإسرائيلية لا تصل لنصف قيمتها بما يعادل 250 –300 ألف شيكل، وهؤلاء يفضلون البقاء في الولايات المتحدة لتحقيق تطلعاتهم العلمية وأحلامهم البحثية.
ثالث هذه الأسباب يتعلق بوجود فجوة كبيرة بين ما يدرسونه من علوم متقدمة والوضع القائم داخل إسرائيل، فلا يستطيعون تطبيق ما درسوه في الخارج.
مع العلم أن جهودا تبذلها إسرائيل لإقناع باحثيها وأكاديمييها بالعودة إليها، في ظل توقعات أن تسفر عودتهم إلى انتعاش اقتصادي للدولة بما قيمته 914 مليون شيكل، قرابة 270 مليون دولار..
اللافت أن هذه الظاهرة تأخذ بالتزايد والتنامي في إسرائيل، بينما تعتبر الأخيرة امتدادا للجامعات الغربية في استقطاب الكفاءات وإنفاق الموازنات وتشجيع البحث العلمي.. وهي مسألة بحاجة إلى توقف وتأمل جديين!