فلسطين أون لاين

الإسرائيليون يرون في قياداتهم خطرا داخليا على الدولة

لا يفتأ الإسرائيليون عن التعبير عن مواقفهم السياسية، وإبداء آرائهم في تطوراتهم الداخلية، في ظل موسم انتخابي حامي الوطيس، وتنافس حزبي غلبت عليه الأنانية، و"حرب الكل في الكل".

آخر المواقف الإسرائيلية تمثلت بنتائج "مؤشر الأمن القومي" الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وحمل معطيات جديدة حول التهديدات الخارجية المحيطة بإسرائيل، والأخطار الداخلية.

بعيدا عن المخاوف الأمنية والعسكرية الإسرائيلية المتعلقة بالجبهات المشتعلة حول إسرائيل، فقد انتبه كاتب السطور إلى أن مستوى ثقة الإسرائيليين في قياداتهم السياسية والحزبية وصلت مستويات متدنية جدا، لم تتجاوز نسبة 48%، وقال 40% أن ديمقراطيتهم في خطر، واعتبر 47% أن العالم كله ضدهم، أما 58% فاعترفوا أنهم سيعيشون إلى الأبد على سيوفهم معتمدين عليها، وزعم 62% أن العرب يفهمون فقط لغة القوة.

يعتقد الإسرائيليون أن دولتهم سجلت بسنواتها السبعين إنجازات كبيرة، لكنهم يخشون مخاطر تحيط بها إن لم تقم زعامة جديرة بالدولة من عيار جديد، وهي قيادة بحاجة إلى "دليل عمل" للقادة، يعينهم في اختيار من سيتزعمهم، ويقودهم في وسط الخطوب التي تواجه الدولة، لأنها تعاني من أزمة "غياب جيل التأسيس".

تنطلق المخاوف الإسرائيلية من فرضية أن إسرائيل بحاجة لقيادة تاريخية تساعدها باجتياز التحديات الإستراتيجية التي تواجهها، حتى أن بعضها تصل مرحلة "بقاء إسرائيل أو فنائها"، بصيغة "أكون أو لا أكون"، بما لا تصل إليه دولة في العالم، كما حذر البروفيسور يحزقيئيل درور، أحد العقول الإستراتيجية الإسرائيلية.

لعل ما يبرر نتائج المؤشر الواردة أعلاه بتراجع ثقة الإسرائيليين بقياداتهم السياسية والحزبية، فقدان "شخصية القائد"، و"كاريزما الزعيم"، التي تحتاجها إسرائيل أكثر من أي وقت، خاصة من يمتلكون حيزاً كبيراً من التأثير على الرأي العام،رغم أن المسئولية التاريخية لا تبتعد عن الزعامات الموصوفة "مصممي المستقبل الإسرائيلي".

تبرز خطورة هذه النتائج على الصعيد الإسرائيلي انطلاقاً من أن منطقة الشرق الأوسط تشهد أعاصير كبيرة، تتطلب وجود قيادة تاريخية ذات قدرة تلقائية على اتخاذ القرارات المصيرية، دون تردد أو تهور في آن واحد ، في ظل ملفات الفساد والرشاوى المتراكمة في محاكم إسرائيل، بعد أن طال الفساد "قمة الهرم" فيها، وبات الفشل العسكري والجمود السياسي يعصف بحكوماتها المتعاقبة.

ورغم أن "أزمة القيادة" أمر طبيعي في جميع دول العالم، إلا أن الحاصل في إسرائيل الآن يتمثل بأزمة "مضاعفة"، مردها غياب جيل المؤسسين، ممن خبروا وعاشوا مرحلة التأسيس، واستلام الأمور من قبل جيل ثانٍ، أو ثالث، استيقظ ورأى الدولة قائمة، فلم يبذل جهداً كبيراً في الوصول لما وصلت إليه.