الفاتورة الباهظة التي يدفعها المواطن الفلسطيني بفعل إرهاب المستوطنين وبطش الاحتلال، يزداد ثمنها في هذه الأيام بالتزامن مع ماراثون الانتخابات الإسرائيلية التي تسعر همجيتهم ضد كل ما هو فلسطيني بفعل تأييد الأحزاب السياسية المتنافسة على مقاعد الكنيست الـ120.
وليس ما حدث في قرية المغير شمال شرق رام الله بالضفة الغربية المحتلة مساء أول من أمس، آخر المطاف، حيث هاجم المستوطنون المواطنين واعتدوا عليهم في بيوتهم وأراضيهم، وقتلوا أحدهم وهو يدافع عن أرضه، وكذلك في بلدة دير استيا، حيث هاجم مستوطن مزارعا فلسطينيا ونجله بآلة حادة، وجرحهما.
الباحث في مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني ياسر مناع، من مدينة نابلس يقول: ما لوحظ في الإعلام العبري كان شبه إجماع بأن ما جرى في قرية المغير حدثٌ خطير، وأن أحداث كهذه من شأنها إشعال ساحة الضفة الغربية المشتعلة أصلا، وهذا ما حذر منه "الشاباك" الإسرائيلي مرارا وتكرارا، حتى أن اعتداءات المستوطنين طالت جيش الاحتلال نفسه في بعض الأحداث، كما جرى مع مستوطني مستوطنة "يتسهار".
وأضاف مناع لصحيفة "فلسطين" أن كل ذلك يأتي في ظل حالة السعي الحثيث من الأحزاب الإسرائيلية ولاسيما اليمينية لإرضاء دولة المستوطنين، الذين يُنظر إليهم على اعتبار أنهم خزان انتخابي لا يستهان به مع اقتراب موعد الانتخابات.
وأشار إلى أن موقع 0404 العبري الوحيد الذي استخدم مصطلح "اغتيال" للتعبير عن استشهاد الأسير المحرر حمدي النعسان، موضحا أن ما نراه اليوم في الضفة الغربية هو مخطط منظم ومدروس مدفوع من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ينفذه المستوطنون لفرض حالة أمر واقع، حتى يصبح مطلب الفلسطيني هو الفصل بينه وبين المستوطن بعد أن كان مطلبه إزالة هذه المستوطنات؛ كخطوة نحو الضم الكامل، وفصل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض.
زمام المبادرة
ولفت رئيس بلدية دير استيا سعيد زيدان، إلى أن المستوطنين لهم استراتيجية ضد الفلسطينيين من خلال أخذ زمام المبادرة في استهدافهم وعدم انتظار تدخل جيش الاحتلال، فهم يتصرفون كسلطة أمر واقع.
وأشار زيدان لـ"فلسطين" إلى أن الفلسطينيين ليس بحوزتهم إلا الدفاع عن أرضهم، حيث لم يعد المزارع وصاحب الأرض آمنا في أرضه بعد تأييد المستوطنين في استخدام السلاح والإرهاب ضد الفلسطينيين، موضحًا أن قاتل الشهيدة عائشة الرابي بالرغم من ثبوت قتله العمد تم تخفيف لائحة الاتهام ضده والإفراج عن بقية المنفذين، عقب دعوات حاخامية وأحزاب سياسية بضرورة عدم استمرار اعتقال من نفذ الجريمة.
أما رئيس مجلس محلي قرية جيت جمال يامين، قال: "لا يعرف إرهاب المستوطنين إلا من يكتوي بناره، فنحن في قرية جيت نواجه هذا الإرهاب من شبيبة تدفيع الثمن يوميا، فبؤرة جلعاد تجمع هذا التنظيم الإرهابي الذي ينطلق إلى مناطق الضفة الغربية ليمارس الإرهاب العلني والقتل البشع، بشكل مباشر وفي وضح النهار".
وأضاف يامين لـ"فلسطين"، أن "بيوتنا أصبحت غير آمنة بعد تصاعد هجمات المستوطنين، فالأمر لم يقتصر على الخطر في الأراضي بل انتقل إلى المنازل، حيث يتجولون ويبحثون عن ضحية كي يمارسوا القتل المرعب فيها، فأهالي قرية جيت يضعون الحمايات على نوافذهم خوفا من إلقاء مواد مشتعلة كما حدث مع عائلة دوابشة".
ويرى منسق المسيرة الأسبوعية في قرية كفر قدوم مراد اشتيوي في تزايد إرهاب المستوطنين أنه نتيجة طبيعية في ظل التحريض العلني من منبر كنيستهم على مهاجمة الفلسطينيين وقتلهم، فقرية كاملة مثل كفر قدوم تخنق من أجل راحة المستوطنين الذين يمارسون في مستوطنة "قدوميم" العربدة والإرهاب ضد كل أهالي المنطقة.
ولفت إلى أن بؤرة "جلعاد" الاستيطانية مركز التنظيم الإرهابي "تدفيع الثمن"، تابعة لمستوطنة "قدوميم" وهي من ضواحيها، والسماح لهذه العصابة بممارسة الإرهاب هو تأييد علني لأعمالهم، وقد حاول المئات من المستوطنين اقتحام قرية كفر قدوم عدة مرات ولولا تصدي الأهالي لهم في الوقت المناسب ويقظتهم الدائمة لكانت هناك نتائج كارثية.