فلسطين أون لاين

"على كبر".. عواطف قشطة تُوفِّق بين الجامعة والمطبخ

...
عواطف قشطة
رفح - ربيع أبو نقيرة

أجّلت ظروف رافقت أحداث انتفاضة الحجارة إلى جانب زواجها، آمالَ الغزية عواطف قشطة، بإكمال دراستها الثانوية.

ولأنها أحبت العلم وكانت متفوقة وحافظت على الترتيب الأول على مدرستها في جميع مراحل دراستها، أسرت في نفسها شيئا من ذلك.

خاضت غمار الحياة الزوجية، وأنجبت الأبناء ورعتهم حتى كبروا أمامها وأصبحوا طلبة في الجامعات، وعندما بلغت من العمر نحو 39 عاما، عادت إلى مقاعد الدراسة.

اجتازت "أم نائل قشطة" الثانوية العامة عام 2009 في الفرع الأدبي بمعدل 89.6%، رغم أحداث عدوان الاحتلال على قطاع غزة في تلك السنة.

قشطة التي تبلغ الآن 49عاما، وتسكن مخيم البرازيل بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، تقول في حديثها مع صحيفة "فلسطين": "كان هناك حاجز يمنعني عن الكتاب، تجاوزته بصعوبة بالغة سيما أنني تركت الدراسة لمدة 22 عاما".

وتضيف: "نزح أهلي إلى منزلنا في الحرب الاحتلالية العدوانية على القطاع، لأنهم يسكنون قرب الحدود المصرية، فانقطعت عن الدراسة مدة تزيد على شهرين، كما أنني لم ألتحق بدروس خصوصية، وإنما اعتمدت فقط على الدراسة في المنزل".

وتتابع: "تقدمت لامتحانات الثانوية وتفوقت من أول مرة، ولم أخطط للدراسة في الجامعة، لكن حصولي على المعدل العالي شجعني وزرع في عقلي فكرة إكمال الدراسة في الجامعة، وكان دافعا لي".

وتوضح أنها التحقت بتخصص الدراسات الإسلامية في جامعة الأقصى، وكان سبب اختيارها هذا التخصص أن تتعلم علما "ينفعها في الدنيا والآخرة"، مشيرة إلى أن نجلها أحمد التحق بتخصص التربية الرياضية بعدها بعام.

وفي بعض الأحيان كانت تخرج إلى الجامعة مع نجلها، واصفة ذلك بالقول: "شعور جميل معايشة المرحلة الجامعية مع الأبناء"، لافتة إلى أنها التقت معه في بعض المساقات الاختيارية، وقدمت له المساعدة.

وتذكر قشطة أنها أنجزت درجة البكالوريوس بأربع سنوات وفق الخطة الدراسية، وأنها كانت تحرص على طهو طعام الغداء لعائلتها صباحا قبل خروجها للجامعة.

وبحسب السيدة الغزية، فإن زوجها وأبناءها الأربعة، كانوا يراعون ظروفها، ويوفرون لها الأجواء المناسبة للدراسة، خصوصا مع قرب الاختبارات.

وتصف أجواء الدراسة خصوصا المرحلة الجامعية بأنها رائعة جدا وجميلة، ومرت سريعا، "رغم صعوبة الأيام الأولى التي احتاجت صمودا كبيرا وثباتا أمام الكتاب"، مبينة أن أدنى علامة حصلت عليها في الجامعة كانت 82%، وأنها لم تؤجل أي مساق.

"لو زدت فيه لزاد"

وتخرجت "أم نائل" من الجامعة عام 2013 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف بمعدل 91.6%، وكانت الأولى على دفعتها، وتبلغ آنذاك 43 عاما، حسبما تفيد، منبهة إلى أن فرحة التخرج لا يمكن التعبير عنها بالكلمات.

واتجهت قشطة لمجال الدعوة والنصح والإرشاد في المساجد، قبل إكمال تعليمها، وعززت ذلك الجانب بعد تخرجها من الجامعة، فأصبحت تعطي الدروس الدينية والدعوية عن علم وفهم، وفق حديثها.

وترجع فضل تفوقها ونجاحها في تحقيق أمنياتها وتمكنها من إكمال دراستها، إلى توفيق المولى عز وجل، قائلة: "جدول أعمالي اليومي كان يبدأ بصلاة الفجر، ثم التسبيح، ثم إعداد الطعام، ثم أداء صلاة الضحى، ثم الخروج للجامعة، كما كنت أصلي عند كل اختبار ركعتين بنية التوفيق".

ولا تعرف هذه السيدة المستحيل، إذ تقول: "وضعت معدل 90% نصب عيني عند التخرج، ولو زدت عليه لزاد، فلا شيء اسمه مستحيل"، مستذكرة الحوافز التي دفعتها لإكمال دراستها، والتي أبرزها لقب "الدكتورة" الذي أطلقه عليها ذووها لتفوقها.

وتختم قائلة: "عشت الحياة الجامعية بكل تفاصيلها، وكان الانتقال من المطبخ إلى الجامعة في سن متقدمة إنجازا كبيرا".