حذر مختصان في شئون مدينة القدس، من قرار الاحتلال القاضي بإغلاق المدارس والمؤسسات التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في المدينة المقدسة وتحويلها إلى مدارس تتبع سلطة بلدية الاحتلال، مشددين على أن هذ الإقرار الاحتلالي يعني خطوة جديدة في مسلسل إنهاء الوجود الفلسطيني في القدس.
وأشار المختصان في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، إلى أن هذا السلوك العدواني من الاحتلال تجاه مؤسسات الاونروا يمهد لتحجيم دورها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، موضحين أن وجود الأونروا ارتبط بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين منذ تهجيرهم من مدنهم وقراهم في العام 1948.
وكانت سلطات الاحتلال، أعلنت أمس، أنها ستغلق مع مطلع العام الدراسي المقبل كل المدارس التابعة لـ(أونروا) في القدس، بينما أشارت القناة 12 العبرية، التي نشرت الخبر، إلى أن القرار جاء بعد أسابيع من اجتماع سري لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي في مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لإقرار خطة لإغلاق وطرد المؤسسات التي تديرها الأونروا بالمدينة المحتلة.
وأكد رئيس مركز القدس الدولي د. حسن خاطر، أن سياسة سلطات الاحتلال تزيد من صعوبة أوضاع التعليم في المدينة المقدسة، مشيرا الى أن الاحتلال يضع خططا منهجية واستراتيجية لإفساد هذا القطاع بخطوات بطيئة ووسائل وأساليب تبدو طبيعية.
وقال خاطر لـ"فلسطين": "إن اغلاق مدارس ومؤسسات الأونروا في المدينة المقدسة قد يدفع آلاف الأسر المقدسية للهجرة للضواحي وخارج حدود القدس لأنها لن تقبل أن يلتحق أبناؤها بمدارس عبرية تنكر الحق الفلسطيني وتثبت الرواية الزائفة للاحتلال والحق المزعوم في القدس والأقصى".
وأوضح أن أوضاع المؤسسات التعليمية في المدينة لم تتطور كثيرا منذ عقود ولم يسمح لها الاحتلال حتى بالنمو الطبيعي، معتبراً أن سلطات الاحتلال تمارس سياسات تهدد النظام التعليمي ومنها العدوان على المؤسسات التعليمية من منشآت ومدارس وتدميرها، أو إلحاق الأضرار البالغة بها، واستهداف المدرسين والطلاب أو عرقلة الوصول إلى المدارس، والعمل على إعاقة العملية التعليمية برمتها.
وحذر خاطر من أن الاحتلال لن يكتفي بإغلاق المؤسسات التابعة للأونروا، بل إنه وكما صرح بعض قادة الاحتلال فإنه يهدف أيضاً لمصادرة اراضي مخيم "شعفاط" وبالتالي إنهاء وجود أكبر المخيمات الفلسطينية في القدس المحتلة، وما يعنيه ذلك من قضاء على أبرز مظاهر حلم العودة للفلسطينيين.
وربط خاطر بين هذا القرار الإسرائيلي وما قامت به ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، معتبرا ان الحملة العدوانية على القدس باتت تشترك فيها الادارتان الأمريكية والإسرائيلية من خلال قرارات تقوض أي مظاهر للوجود الفلسطيني.
ونوه الى ضرورة انقاذ المؤسسات التعليمية وغيرها في مدينة القدس،قبل فوات الاوان، مؤكدا أن انقاذ التعليم في القدس هو انقاذ للمواطن المقدسي الذي يشكل ضمانة لحاضر القدس ومستقبلها، فبدون المواطن لن تصمد المدينة المقدسة ولن يكون هناك قيمة تذكر لحجارتها واشجارها.
من ناحيته، أكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد في القدس، ناصر الهدمي، أن الاحتلال ركز في عدوانه على النظام التعليمي في مدينة القدس في مسعى واضح لتجهيل الأجيال الفلسطينية وإبعادها عن تاريخها وهويتها الفلسطينية المهددة على يد الاحتلال.
وذكر الهدمي لصحيفة "فلسطين" أن قضية اللاجئين الفلسطينيين يراد لها أن تنتهي من خلال تصفية الأونروا ودفعها نحو تقليص خدماتها الى الحد الأقصى، ومن ثم إطلاق رصاصة الرحمة عليها بإغلاق مؤسساتها وخاصة المؤسسات التعليمية في القدس المحتلة وعموم الاراضي الفلسطينية.
ولفت الى ان القرار الإسرائيلي يبرز مدى حجم الكارثة التي يعاني منها قطاع التعليم في مدينة القدس المحتلة جراء ممارسات الاحتلال، مشيرا الى محاولات الاحتلال فرض البرنامج التعليمي الإسرائيلي مع التضييق على المدارس الفلسطينية وذلك بإصداره "قانون الإشراف على المدارس رقم 5729 لعام 1969"، والذي شمل الإشراف الكامل على جميع المدارس في القدس.
وأكد الهدمي أن إغلاق مؤسسات الأونروا في القدس، سيكون جريمة جديدة يرتكبها الاحتلال ضد المدينة.
وشدد على ضرورة تدخل الأمة العربية والإسلامية قيادة وشعوبا ومؤسسات إنسانية ومنظمات دولية أهلية للتصدي على المستوى السياسي لعملية التهويد التي تطال المدارس المقدسية، داعيا لتقديم كل أشكال الدعم المادي اللازمة لرفع مستوى التعليم في مدارس القدس، ومقاومة هذه السياسة الإسرائيلية ضد العملية التعليمية.