عاشت الساحتان الفلسطينية والإسرائيلية في الساعات الأخيرة معلومات متداولة بشأن تجدد الحديث عن إبرام صفقة تبادل بين حماس و(إسرائيل)، بعد توقف الحديث عنها طوال الشهور السابقة، رغم عدم حصول تغير في مواقف الجانبين من مطالبهما السابقة.
جاءت بداية الحديث مع بث التلفزيون الإسرائيلي حلقة جديدة من برنامجه الاستقصائي "الحقيقة"، الذي نشر مقاطع حصرية تظهر مطاردة الجيش الإسرائيلي داخل أحد أنفاق المقاومة في أغسطس 2014، للبحث عن الجندي "هدار غولدن"، الذي أسر وهو لا زال على قيد الحياة، فمقاتلو القسام تم إخلاؤهم من مخرج النفق عبر إسعاف، ودخلوا المستشفى، وأبلغوا قيادتهم أن المهمة اكتملت، ثم نزلت قوة إسرائيلية في النفق 25 دقيقة، ووجدت ملابس هدار ممتلئة بالدماء، ثم تم تفجير النفق بواسطة الطائرات..البرنامج بدأ وانتهى دون إجابة محددة!
بعد ساعات من بث البرنامج الذي انتشر كالنار في الهشيم، نقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر في حماس وجود اتصالات غير مباشرة لإسرائيل لتحريك صفقة التبادل قبل الانتخابات، لكسب الشعبية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الشارع الإسرائيلي، وقبل الحديث عن تحليل هذه التطورات، سارعت حماس لنفي التقارير، لأن الاحتلال غير جاهز لصفقة جديدة.
لا يبدو أن هناك في الأفق ما قد يشجع الطرفين على إبرام صفقة تبادل جديدة، فحماس ما زالت على شروطها السابقة بألا تفتح أي مفاوضات قبل إطلاق سراح أسرى الصفقة السابقة الذين أعادت (إسرائيل) اعتقالهم مجددا في الضفة الغربية، ولا يبدو أن (إسرائيل) التي تواصل يوميا شن حملات اعتقال في الضفة بوارد أن تفرج عن كوادر كبيرة من حماس، لما لذلك من ظهورها خاضعة لمطالب الحركة، ويتناقض مع محاولاتها ضرب بنيتها التحتية في الضفة.
في المقابل، أي حراك في صفقة التبادل يعني بالضرورة الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وهو ما يصب في غير صالح نتنياهو في ذروة حملة انتخابية يظهر أنها حامية الوطيس، ما سيمنح خصومه المتربصين به ورقة للمزاودة الحزبية قد لا يقوى على مقاومتها، في ضوء التقارير الأمنية التي ذكرت أن النسبة الكبرى من الأسرى المحررين في الصفقة السابقة عادوا للمشاركة في عمليات المقاومة.
بعيدا عن الأمنيات الجادة بإبرام صفقة تبادل جديدة يتم فيها الإفراج عن أسرانا خلف قضبان سجون الاحتلال، لكن وقتها لم يحن بعد، والظروف لم تنضج بما فيه الكفاية لإجبار (إسرائيل) على قبول مطالب المقاومة العادلة، فالضغط الشعبي الداخلي لم يشكل بعد رافعة جدية تجعل صانع القرار الإسرائيلي مضطرا للاستجابة لها!