عبّر أحد الصحفيين والناشطين الفلسطينيين عن استغرابه الشديد من عدد العملاء الذين أُلقي القبض عليهم في أعقاب جريمة التسلل الإسرائيلية شرق خانيونس، حيث زاد عددهم على أربعين متهما، حسب ما جاء في إصدارات كتائب عز الدين القسام، وحذر الصحفي من خطورة الوضع، وألقى باللائمة على كل من تسبب في إيجاد بيئة تسمح بتجنيد هذا الكم "الكبير" من العملاء، بما في ذلك الرئاسة والحكومة والتشريعي ورئيس المكتب السياسي لحماس، وحتى المواطنين حمّلهم بعض المسؤولية.
الحرص على سلامة المجتمع لا ينبع إلا من شخص وطني، ولكن لا بد من قراءة الواقع بطريقة صحيحة دون تهويل أو تضخيم، حتى لا ندخل اليأس إلى قلوب المواطنين أو نشككهم بأنفسهم كما قال الأخ الصحفي . نعم، لقد نجحت المقاومة في القبض على ما لا يقل عن 45 عميلا في عملية واحدة، ولكن هذا لا يعني أن المجتمع طافح بالعملاء لا قدر الله، ولا يعني أنك قد تجد في كل مجموعة من المواطنين عميلا. القبض على العملاء لم يأتِ بطريقة عشوائية، وهذه العملية "الواحدة" ليست مثل أي عملية أخرى، حيث جاءت بعد جريمة تسلل اشترك فيها عدد كبير من الإسرائيليين، ومن العملاء، واستُخدمت أماكن ومركبات، ما تطلب من العدو الإسرائيلي استخدام عدد كبير من عملائه الذين جُنِّدوا منذ سنوات، منهم من تجند منذ قرابة عشرين عاما، ومنهم منذ عشر سنوات أو أكثر، ولذلك كان العدد كبيرا ومن مناطق مختلفة في قطاع غزة.
المؤشرات كلها تدل على أن العدو الإسرائيلي أصابه العمى في قطاع غزة، حيث نجحت الأجهزة الأمنية في اجتثاث غالبية العملاء، وكثيرون سلموا أنفسهم طوعا لأنهم عرفوا أن غزة أصبحت بيئة طاردة للخائنين، وليست كما يعتقد صاحبنا بأنها بيئة مساعدة.
وأخيرا لا بد من تأكيد أن القول بأن الظروف القاسية هي سبب ارتباط العميل بالعدو الإسرائيلي قول مضلل، ويساعد أصحاب النفوس الدنيئة في الارتباط بالعدو الإسرائيلي بذريعة أن هناك من أعطاه العذر مسبقا، وهناك من وقع في وحل العمالة دون حاجة إلى مال، ثم من قال إن الارتباط بالعدو يسد حاجة العميل؟ العملاء يعيشون في جحيم دائم، يترقبون من يقتحم عليهم بيتهم، ينامون وحد السيف لا يفارق مخيلاتهم، وهم يعلمون علم اليقين أنهم سيُكشفون آجلا أم عاجلا، ويظل باب التوبة مفتوحا ما لم يطرق باب بيتك.