ناقشت هذه السطور يوم أمس "كشف حساب" للجنرال غادي آيزنكوت القائد المغادر للجيش الإسرائيلي عن سنواته الأربعة الماضية، فيما ستنشغل سطور اليوم بأجندة خلفه الجديد أفيف كوخافي عن سنواته القادمة.
يأتي تسلم كوخافي لقيادة الجيش باعتباره رئيس الأركان الثاني والعشرين وسط تحديات سيتعامل معها: داخلية وخارجية، حيث سيواجه مرحلة زمنية عاصفة وغير مستقرة في ظل البيئة الإستراتيجية التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي، وتتسم بحالة انعدام اليقين.
بعيدا عن استعراض سيرته الذاتية، فإن كوخافي يمتلك العديد من الجوانب السلوكية التي تميز شخصيته، فهو صاحب قتل منهجي وفكر تدميري، مما يتطلب مراقبة مشددة على سلوكه، وفقا لتوصيف بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، لاسيما في ضوء حدثين رافقا أداءه العسكري يمكنهما إبلاغنا عن شخصيته، يستوجبان مراقبة سلوكه كرئيس لهيئة الأركان.
ففي عملية "السور الواقي" بالضفة الغربية عام2002، برز كوخافي قائدا لواء المظليين حين سيطر على مخيم بلاطة بنابلس، وتمثلت خصوصية العملية بالسير عبر الجدران، بدخول بيوت الفلسطينيين ليس من خلال أزقة المخيم الخطيرة، بل من خلال الجدران التي تم خرقها من قبل الجرافات، وهو ما يعني أنه منح شرعية خاصة لاستخدام العنف؛ عبر هدم الأحياء وقتل سكانها.
من التحديات التي تنتظر كوخافي مواجهة حماس في غزة، رغم أنها لا تبدي تحمسا لمواجهة واسعة مع إسرائيل، لكن مرور أكثر من أربع سنوات على الحرب الأخيرة في 2014 كشفت عن تراجع في قوة الردع الإسرائيلية أمام الحركة، في حين أن حماس مستعدة لتفعيل ما لديها من مصادر قوة بما يلائم ظروفها كما كشف التصعيد الأخير في نوفمبر الذي شهد إطلاق 500 قذيفة صاروخية نحو إسرائيل.
في الوقت ذاته، يواجه كوخافي تحدياً يتمثل بمنع تدهور الأوضاع الأمنية بالضفة الغربية، لأن الظروف السائدة حاليا هادئة نسبيا، مما يتطلب استمرار العمليات العسكرية للجيش فيها دون تغيير، لكنه مطالب بأن يكون متجهزا لزعزعة هذا الاستقرار بصورة مفاجئة، نتيجة لتطورت سياسية.
يتزامن تعيين كوخافي قائدا للجيش الإسرائيلي وسط تقديرات متباينة بالنسبة للوضع الفلسطيني، بين غياب محتمل لأبي مازن عن المشهد السياسي، ونشوء صراع قوى داخل فتح، أو بين فتح وحماس، وانهيار المنظومة الأمنية الفلسطينية، بما يشمل التنسيق الأمني مع إسرائيل، أو اندلاع مواجهات شعبية فلسطينية ضد إسرائيل والسلطة نفسها.
هذه أهم القضايا التي سيبدأ كوخافي التعامل معها فور دخوله مقر هيئة الأركان، ويبدو مبكرا الحكم على سلوكه تجاهها بانتظار حدوث تطورات ميدانية في قطاع غزة والضفة الغربية.