قبل شهرين قلت في أحد مقالاتي: إن غزة لم تعد ساحة مناسبة للدعاية الانتخابية الإسرائيلية ولهذا قد تشهد الضفة الغربية المزيد من الجرائم الإسرائيلية قبيل انتخاباتهم، وهذا ما حدث بالفعل، حيث أصبحت رام الله مزارًا يوميًّا لجيبات الاحتلال وتشهد غالبية مدن المحافظة عربدة إسرائيلية لم تشهدها منذ سنوات طويلة، والحال في باقي مدن الضفة لا يقل سوءًا عن رام الله.
التهديدات الإسرائيلية باجتياح قطاع غزة واحتلاله أو القيام بعمليات اغتيال لقادة سياسيين وعسكريين من المقاومة الفلسطينية وخاصة من حماس ازداد في الأيام الأخيرة، وإذا أخضعنا هذه التهديدات لحساب الربح والخسارة وثلاث حروب خاضتها دولة الاحتلال (إسرائيل)، لحكمنا بأنها تهديدات عبثية لا تخيف أحدًا في غزة، ولكن إذا أخضعناها للامنطق والغباء الإسرائيلي فربما نتوقع أن تقدم (إسرائيل) على حرب رابعة تندم بعدها ندمًا غير مسبوق، والدليل أن (إسرائيل) لم تدّعِ بعد أي حرب خاضتها في غزة أنها انتصرت فيها أو حتى أنها حققت أهدافها العسكرية أو السياسية بل كانت تعيش في أعقاب كل حرب حالة من الارتباك الشديد، ثم يقبل قادة الاحتلال بعضهم على بعض يتلاومون.
ولكن ما هو مختلف اليوم فيما يتعلق باندلاع حرب هو ما صدر عن بعض المقربين جدًّا من حماس، حيث قال أحدهم: "إن بقي الوضع الحالي كما هو، ليس أمام شعبنا سوى الدخول في حرب"، وهذا كلام لا يمثل موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس طالما هي لم تعلنه بشكل رسمي، ولكن بما أن هناك شخصًا مقرّبًا جدًّا من حماس -إن لم يكن أحد قادتها- يفكر بهذا الطريقة فهذا يعني أن الفكرة ليست غريبة ولا هي مستبعدة أيضًا. حماس لا يمكنها أن تبدأ حربًا ضد العدو الإسرائيلي ولكن لا ننسى ما حدث في أعقاب جريمة التسلل الإسرائيلية في خانيونس، حيث ردت المقاومة بأكثر من 500 صاروخ على المستوطنات الإسرائيلية، أي أن المقاومة بدأت حربًا فعلية ولكنّ أطرافًا عديدة تدخلت وتمكنت من احتوائها وإعادة الهدوء، وهذا يعني إن لم تبدأ المقاومة الفلسطينية حربًا من تلقاء نفسها فإنها ستكتفي بأية جريمة إسرائيلية صغرت أم كبرت لأن الظروف تجبرها على فعل ذلك، ولأنه لم يعد هناك مجال للمزيد من الصبر، فالمقاومة الفلسطينية لا تريد الحرب وأعطت الكثير من الوقت والفرص لإنجاح جهود التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة، وهي أيضًا لا تستطيع السكوت إلى الأبد على المعاناة والأوضاع القاسية التي يعيشها أهالي قطاع غزة.