35 أسيراً محرراً أضربوا عن الطعام في الضفة الغربية، مواجهين قرارات السلطة الفلسطينية بعدم إرجاع صرف رواتبهم المقطوعة منذ 2007، منتظرين تنفيذ وعود أطلقها قادة السلطة ومسؤولوها أثناء إضرابهم عن الطعام في سبتمبر الماضي.
تلك الوعود التي جاءت بعد 10 أيام من الإضراب المفتوح عن الطعام، لم تجد حتى كتابة هذا التقرير مكاناً لتنفيذها، إذ تماطل السلطة في إعادة رواتب الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم.
الأسير المحرر رامي البرغوثي (43 عاماً)، من بلدة بيت ريما قضاء رام الله، قضى 13 سنة في سجون الاحتلال، "وكافأته" السلطة بقطع راتبه، عدا عن اعتقاله في سجونها ستة أشهر متفاوتة.
ويروي البرغوثي لصحيفة "فلسطين"، تفاصيل تعليق إضرابهم عن الطعام، منتصف سبتمبر الماضي، بعد 15 يوماً، قضوها في اعتصام وإضراب مفتوح على دوار الساعة في مدينة رام الله، ليعلق بعد وعد من رئيس السلطة محمود عباس أبلغهم به رئيس مخابراتها ماجد فرج، بإعادة صرف رواتبهم وحل قضيتهم إيجابيا.
وبعد فترة تواصل الأسرى المحررون المقطوعة رواتبهم مع مكتب فرج حول تنفيذ الوعد، ليقابلوا بالرد: "لا تقلقوا، سننفذ الوعد حسب الاتفاق، وهو قيد التنفيذ".
إلا أن ذلك الوعد ما زال في مرحلة التسويف والمماطلة، إذ تواصل البرغوثي هو وعدد من الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم مع وزارة المالية في رام الله، وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، لإطلاعهم على تفاصيل صرف رواتبهم كما وُعدوا، ليفاجَؤوا بعدم وجود أي أوراق أو معاملات تشير إلى الوعد المقدم لهم.
الأسرى المحررون أكدوا أن سبب اعتصامهم ليس فقط قطع رواتبهم وحرمانهم من قوت يومهم، بل للتنبيه والتحذير من مخططات تسعى لها السلطة، تواجه قضية الأسرى والمحررين، داعين لضرورة اتخاذ خطوات جادة لمنعها.
ومع تلك السنوات التي قضاها الأسرى المحررون في سجون الاحتلال، وفي ظل عدم إعادة حقوقهم إليهم، أدت تلك الإجراءات إلى التأثير عليهم وذويهم الذين اعتصموا معهم لأيام، إذ عمت خيبة الأمل في نفوسهم.
وفي محاولة لتجاوز تلك الأزمة، يعمل المحررون رغم كبر سنهم في أعمال ومهن مختلفة، يحاولون من خلالها سد رمق عائلاتهم وأطفالهم، فقد حرمتهم السلطة من رزقهم لأكثر من 11 سنة.
ويقول البرغوثي: "الراتب هو حق ولا نستجدي أي شخص، وكلنا أصحاب عائلات ولدينا التزامات، ونحتاج إلى مصروف يومي، والراتب أساس المقومات للأسرى، وبعد انقطاعه لجأ الكثير للاستدانة والعمل لسداد تلك المصاريف، والبحث عن مصدر رزق آخر".
السلطة لم تستجب
ويوضح أنهم طلبوا من مسؤولي السلطة إلحاقهم في وظائف إدارية، يعملون بخبرتهم الجامعية بها، إلا أنها لم تستجب لهم ولم تصرف أيا من حقوقهم المالية.
البرغوثي، الحاصل على درجة البكالوريوس بتخصص الخدمة الاجتماعية بعد 18 عاما من الالتزام في الدراسة الجامعية، ما زال ينتظر ورفاقَه المحررين قراراً من السلطة بعودة رواتبهم.
ولتجاوز تلك الأزمة، جلس مدة طويلة من الزمن دون عمل، وليبدأ مع عدد من أصدقائه بعد فشل محاولات إعادة رواتبهم، في العمل بمحل حلويات ومخبوزات.
أما الأسير المحرر والصحفي علاء الريماوي، الذي اعتقل لدى سلطات الاحتلال نحو 10 سنوات، فقد قطع راتبه كما البرغوثي ورفاقهم المحررين، يرى أن تلك الخطوات هي محاكمة جديدة للأسير الفلسطيني على تاريخه النضالي والمقاوم للاحتلال الإسرائيلي سواء بالقلم أو الصورة.
ويؤكد الريماوي في حديث مع صحيفة "فلسطين" عدم وجود أي مسعى حقيقي لإعادة رواتب المحررين، قائلاً: "من العار محاسبة أي فلسطيني في رزقه، وهذه سياسة يجب أن تتوقف".
ومعاناة الأسر تعرض لها الريماوي منذ سنة 1993، بعمر 15 عاماً، ووصلت مدتها10 سنوات، ولسبع مرات متفرقة، لدى سلطات الاحتلال، في حين اعتقل لدى أجهزة أمن السلطة سنة على ثلاث فترات متقطعة.