من المعلوم أن الناس (زهقت) من المناكفات السياسية بين فتح وحماس، أو قل بين السلطة ممثلة في الحكومة، وبين المؤسسات الوزارية في غزة، ومن مشاهد هذه المناكفات (جامعة الأقصى)، حيث هناك خلاف حول رئاسة الجامعة، ورئاسة مجلس الأمناء والأعضاء، وحول عدد من الموظفين، وهم فئتان: فئة قامت رام الله بقطع رواتبهم لأسباب سياسية، وفئة لا تتلقى رواتب أو اعترافًا من رام الله بحجة أن حماس هي التي قامت بتعيينهم.
بالنسبة للفئة الأخيرة فقد قامت الوزارة بغزة بتعيين من يحمل شهادة عليا (ماجستير أو دكتوراة) ويعمل في سلك التربية والتعليم، بحسب إجراءات قانونية صحيحة أشرف عليها (الديوان) بالمشاركة مع الوزارة، وبحسب الحاجة الطبيعية التي تحتاجها جامعة الأقصى. غير أن وزير التربية والتعليم في حكومة رامي الحمدالله يتشدد في مطالبه التفاوضية مع غزة، دون مراعاه لمبدأ العدالة والشفافية، أو البحث عن حلول وسط.
بعد مراجعة أحد المسئولين في جامعة الأقصى وهو مقرب من حماس أفادني بأن حماس لا تطمع برئاسة الجامعة، ولا تطمع بالأغلبية في مجلس الأمناء، ولا مانع عندها أن تعين رام الله رئيس الجامعة من فتح، أو من الشخصيات المستقلة، ولا مانع عندها من التوافق على تشكيلة مجلس الأمناء، ولكن الوزير في رام الله يصرّ على أن يتولى رئاسة الجامعة (كمال الشرافي) حسب ما ورد في الوكالات، والرجل فاضل، ولكنه طبيب بشري، وليس أكاديميًا، ويمكن أن يكون في مجلس الأمناء.
استعصى الحوار والنقاش بين غزة ورام الله حتى قرر الوزير بحسب الوكالات أيضًا قرارين غير مدروسين بعناية:
الأول عدم الاعتراف بشهادة الأقصى للمنتسبين في هذا العام. والقرار الثاني هو إعفاء جميع الطلاب من الأوساط الجامعية لتجفيف مصادر الجامعة التي تصرف منها رواتب المقطوعة رواتبهم، وراتب المعينين الجدد، ورغم أن الإجراء يضر بمصالح الطلاب، وهو غير قابل للتنفيذ في شق الرسوم في الفصل الفائت، إلا أنه جدد موقفه بحذافيره للفصل الثاني من هذا العام وبرره بأنه لمساعدة الطلاب، والأمر ليس كذلك.
تقول الوكالات: قررت وزارة التربية والتعليم العالي إعفاء كافة طلبة جامعة الأقصى في قطاع غزة من الرسوم الدراسية للفصل الدراسي الثاني من العام الأكاديمي 2017-2018، مشيرةً إلى أن الإعفاء يأتي لمساعدة طلبة الجامعة في ظل أزمتها الحالية، وفي ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأهل في غزة؟! وجددت الوزارة التأكيد على أنها لن تعترف بالشهادات الصادرة عن الجامعة قبل العام الدراسي الحالي ما لم يتم توقيعها من الرئيس القانوني للجامعة (كمال الشرافي)، وأنها لن تعترف بشهادات الطلبة الجدد الذين التحقوا بالجامعة خلال العام الحالي والذين خالفوا نداء الوزارة بهذا الخصوص.
إن القرارين متناقضين، إذ كيف يكون الإعفاء للطلاب من باب المساعدة لظروف غزة، ثم يكون في الوقت نفسه هناك قرار بعدم الاعتراف بشهادة الطلاب الجدد؟!
إن هناك تنسيقًا كاملًا بين غزة ورام الله في شهادة التوجيهي، وهذا التنسيق مريح للطلاب، ولذويهم، وكان من المفترض أن يحدث تنسيق مماثل وتوافق في جامعة الأقصى، لأن التعليم لا يقبل المناكفات السياسية، أو التعصب للرأي أو التشدد، وليس من المنطق تهديد الطلاب بعدم الاعتراف، لذا نهيب بالوزير والوزارة لسلوك طريق التفاوض، والتوافق، ومقاربة الطرفين للحلول التي تخدم مسيرة التعليم العالي، والطلاب.