فلسطين أون لاين

محللون: رسائل عدة وراء اقتحام الاحتلال قلب رام الله

...
رام الله-غزة/ أحمد المصري:

تُثيرُ اقتحامات قوات الاحتلال الإسرائيلي، المدعومة بأعداد واسعة من الآليات العسكرية لقلب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة "عاصمة سيادة السلطة"، بشكل شبه يومي، جُملة من التساؤلات العريضة حول الأسباب التي تقف وراء هذه الاقتحامات، والرسائل التي يحاول الاحتلال إيصالها للأطراف الفلسطينية، سيّما وأنها تأتي في ظل حالة توافق شبه تام بينه والسلطة الفلسطينية ميدانيًّا، وغياب أي أحداث أمنيّة.

ولوحظ على مدار الأسابيع الماضية، اقتحام أعداد كبيرة من الجيبات العسكرية الإسرائيلية بصورة متكررة لوسط مدينة رام الله، ومكوثها لأوقات طويلة على بعض المحاور الحيوية في المدينة، وسط تفتيش منازل المواطنين، والتدقيق في بطاقات بعض المارة وأصحاب السيارات، عوضًا عن مصادرة تسجيلات كاميرات البيوت والمؤسسات.

تطور ملحوظ

وقال الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، إنّ تطورًا ملحوظًا في الاقتحامات الإسرائيلية لقلب المدن في الضفة الغربية، حيث بات مسارها يجري في أوقات النهار الواضحة، وفي أوقات ذروة العمل، بعد أن كانت إلى وقت قريب تقتصر على ساعات الليل المتأخرة.

ورأى أبو عواد في حديث لصحيفة "فلسطين"، أنّ أبرز الأسباب التي تقف وراء هذه الاقتحامات تتعلق بالبعد الأمني، حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى كبح جماح أي ردة فعل من قلب الميدان، بالاعتماد على نفسها.

ونبه إلى أنّ سببًا آخر في هذه الاقتحامات ذو علاقة بمحاولة الاحتلال تهيئة الجمهور الفلسطيني نفسيًّا، بأنه موجود على الأرض، وأنه من الممكن في أي لحظة أن ينفذ قراراته بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية لـ"دولته"، ويصبح السيد الفعلي على الأرض، مشددا على أن حكومة الاحتلال الحالية الأبرز تطرفًا ويمينيةً وتسعى لتطبيق هذا الأمر.

وأوضح أبو عواد أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرسل بصورة مباشرة رسالة للمستوطنين واليمين الإسرائيلي، عبر هذه الاقتحامات، أنه يستحق الدعم خلال الانتخابات القادمة، عبر ما يمارسه على الأرض من سياسات متمسكة بالمشاريع الاستيطانية، وإرهاب الفلسطينيين في عقر دارهم.

ولفت إلى أن الاحتلال ورغم التنسيق الأمني بينه والسلطة الفلسطينية، إلا أنّه في إطار سياساته على الأرض، يبدو وكأنه على قناعة تامة ببقاء زمام المبادرة الأمنية بيده، مع عدم اعتماده على الآخرين.

وسخر نشطاء وصحفيون ومواطنون من حالة الاقتحامات التي تجري في رام الله والمدن الأخرى مع وجود السلطة وأجهزتها الأمنية، التي تطالب في الوقت ذاته بـ"تمكين" حكومتها في قطاع غزة.

وكتب مدير مكتب قناة الجزيرة وليد العمري منشورًا على حسابه في موقع فيسبوك قائلًا: "الاقتحامات تتم في وضح النهار وفِي ساعات الذروة حيث يكون المواطنون في طريق عودتهم من أعمالهم وإعادة أبنائهم من المدارس، ويسمح جيش الاحتلال على غير عادته للصحفيين بالتصوير"، وتساءل: "لماذا يا هذا؟".

ضعف وهوان

من جهته, قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري: إنّ رام الله والبيرة مركز السلطة ومقر إقامة رئيسها تعيش منذ أكثر من شهر اقتحامات يومية، إذ تتجول الدوريات الاحتلالية ليل نهار ولساعات طويلة بحثا عن أهداف غير واضحة مركزةً على الكاميرات.

ورأى المصري عبر صفحته في موقع "فيسبوك" أن الاقتحامات فيما يبدو أنها تأتي تدريبا وتهيئة لواقع جديد قد يحدث خصوصًا مع غياب رئيس السلطة محمود عباس فجأة، مشددًا على أن السلطة تبدو عاجزة تمامًا، لا تفعل أكثر من الشكوى الضعيفة أمام هذه الاقتحامات.

وأكد أنه من غير الطبيعي أن تكون ردة فعل السلطة بهذا الضعف والهوان، في وقت تهدد بإعلان قطاع غزة إقليمًا متمردًا، وكأن الضفة الغربية تحت سيطرتها.

من ناحيته رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي ناهد أبو غوش أن هذه الاقتحامات باتت بمثابة مشهد يومي متكرر، تجري وسط الليل والنهار، ودون خشية من أي طرف كان، في وقت تسعى سلطات الاحتلال إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أن يدها هي الطولى على الأرض الفلسطينية، وليس للسلطة أي دور كان إلا في تسهيل العمليات الأمنية.

وأكد أبو غوش لـ"فلسطين" أنّ ما يحاول الاحتلال تحقيقه عبر هذه الاقتحامات هو دفع السلطة لأن تكون وكيلًا أمنيًّا بشكل كامل له، وأنها وفي حال لم تستجب لذلك، هناك حلول أخرى يمتلكها بيده.

ولفت إلى أنّ الاحتلال يسعى إلى جانب الاقتحامات اليومية، لتحقيق معادلة مغايرة في تعامله مع السلطة والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وأن ما يدعم هذه الرواية هو زيادة أعداد موظفيه في الإدارة المدنية، ومضاعفة تواصلها مع الفلسطينيين بشكل مباشر.