لو امتلكت دولة الاحتلال " إسرائيل" أو أي طرف آخر معادٍ للقضية الفلسطينية القدرة على اجتثاث المقاومة من قطاع غزة أو تحييد قدراتها في الدفاع عن قطاع غزة ومن ثم عن القضية الفلسطينية، لما تأخر عن فعل ذلك، فالحصار والحروب وكل الجرائم العسكرية والألاعيب السياسية لم تغير واقع المقاومة في قطاع غزة ولم تمنعها من تطوير ذاتها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، ولذلك فأي اتفاق أو تهدئة مع القطاع يأتي من باب الرضوخ للأمر الواقع وليس رفقًا بغزة وأهلها أو من أجل تنفيذ مشاريع إنسانية، ولذلك ستفشل كل محاولات تمديد بقاء حصار غزة.
عندما قلنا إن دولة الاحتلال مجبرة على تمرير الأموال القطرية إلى قطاع غزة كما أجبرت على تحرير الأسرى الفلسطينيين، قالوا إن المواطنين يأخذون الأموال مقابل "بصمة" وبطريقة مذلة وما شابه. أقول إن بصمة المواطن لاستلام المخصص المالي أشبه ببصمته عند التصويت في الانتخابات، فهو لا يطبع بصمته مقابل التنازل عن حقوقه بل من أجل أخذ جزء لا يذكر من حقوقه، ولكن الغريب أن الذين يحاولون الطعن في آلية تسلم المخصصات المالية في غزة هم أنفسهم من "يسحجون" لمن تنازلوا عن ثلاثة أرباع الوطن، فأين الشبه بين من يطبع بصمته في مقر انتخابي أو مركز تسليم معونات مالية وبين من يطبع بصمته باسم الشعب الفلسطيني العربي للتنازل عن ثلاثة أرباع الوطن؟ ولذلك أقول لهؤلاء كفاكم مضيعة لطاقاتكم وأعماركم في صغائر التفاهات، وكفاكم بحثا عن الهزائم في ثنايا النصر وعن المخازي في ديار العز والكرامة.
ومن الأمور الغريبة التي نسمعها وتصدر أحيانا عن " قيادات" كبيرة في الفصائل الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير، أن المنحة القطرية مسمومة وأنها تخدم فقط الاحتلال الإسرائيلي، طبعا هذا كلام سخيف لا يحتاج إلى رد، ومع ذلك نقول لهؤلاء : هاتوا أموالًا زكية طاهرة مطهرة لا تمر من خلال الاحتلال الإسرائيلي ولا تحتاج إذنا منه، وهل هناك دينار واحد يدخل الأراضي الفلسطينية سواء في غزة أو الضفة الغربية دون موافقة العدو الإسرائيلي، أليس العدو الإسرائيلي هو من يجمع الضرائب الفلسطينية ويرسلها إلى السلطة لتدفع رواتب الموظفين وغيرها من أوجه الصرف؟ أتمنى على كل قيادي أن يفكر قبل أن يتحدث حتى لا يكون مشاركا في حصار غزة دون أن يعلم.