بعد أن دعت الكاتبة الكويتية فجر السعيد إلى التطبيع مع إسرائيل، نقابة الصحفيين الفلسطينيين تضع المذكورة على قائمة العار، وهذا عمل وطني رائع، يؤكد أن المثقفين الفلسطينيين والمفكرين والصحفيين والمبدعين والمتعلمين والبسطاء الطيبين يكرهون التطبيع مع عدوهم، وتجري فلسطين في شرايينهم، فالتطبيع مع العدو الإسرائيلي خيانة لفلسطين، والدعوة للتطبيع خيانة للدين والتاريخ، والتشجيع على التطبيع خيانة للقيم الإنسانية والأخلاقية.
قائمة العار التي أعلنت عنها نقابة الصحفيين لا يجب أن تقتصر على من يدعو إلى التطبيع مع الصهاينة، بل يجب أن تضم كل من يمارس التطبيع مع الصهاينة، سواء كان رئيساً، أو ملكاً، أو دولة أو مؤسسة، فلا يصح الاستقواء على كاتبة صغيرة، وغض الطرف عن الكبار الذين يمارسون عملياً ما تدعو إليه الكاتبة نظرياً، وعلى سبيل المثال: لقد زار الجنرال السّعوديّ المتقاعد أنور العشقي إسرائيل سنة 2016، والتقى بمدير عامّ وزارة الخارجية في مدينة القدس المحتلّة، وكان برفقته جبريل الرجوب، وذلك بعد أن استقبله السيد محمود عباس في مكتبه.
ألا تعني مرافقة جبريل الرجوب للمطبع أنور عشقي أنه شريك في التطبيع؟ ولماذا بلعتم ألسنتكم يا نقابة الصحفيين عن القائد حسين الشيخ الذي التقى مع رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية قبل أيام؟ فهل مثل هذه اللقاءات الأمنية هي تطبيع أمني لا يقل مهانة وخطورة عن التطبيع الإعلامي والثقافي والسياسي؟
ولماذا لم نسمع لنقابة الصحفيين صوتاً نقدياً لوزير المالية شكري بشارة، الذي التقى مع نظيره الإسرائيلي موشي كحلون قبل أيام، للتباحث بشأن تسلم الأموال من الإسرائيليين، ويتفق معهم على نسبة المقاصة، ويرتب معهم الأوضاع الاقتصادية والحياتية والمالية والسياسية للفلسطينيين تحت الاحتلال، ليضمن عدم نشوب خلافات بين الإسرائيلي محتل الأرض، والفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال، إنه التعاون الاقتصادي والمالي، الذي وصل إلى حد الاتفاق على مشاريع مشتركة في مناطق ج، أليس هذا تطبيعاً؟ فكيف لا تدرجون اسم شكري بشارة في قائمة العار.
الكاتبة الكويتية فجر السعيد وأمثالها من الساقطين لم يدعوا إلى التطبيع مع الصهاينة إلا بعد أن شاهدوا على الفضائيات لقاءات السيد رامي الحمد الله وماجد فرج مع القيادة الإسرائيلية، وبعد أن استمعوا جيداً إلى دعوة محمود عباس ومحمود الهباش للعرب والمسلمين لزيارة القدس تحت الاحتلال؟ وهذه دعوة صريحة إلى التطبيع والتمييع للقضية والتلميع للاحتلال، واستسلاماً، وتسليماً وقبولاً بالواقع، وعدم الرغبة في تغييره.
يا نقابة الصحفيين، توقفوا عن الكيل بمكيالين؛ فإما أن تعلنوا بأن التطبيع والتنسيق والتعاون والترتيب واللقاء والانسجام والنوم في حضن الإسرائيليين كله حرام وخيانة للوطن وإما أن يكون كله حلالا ولذيذا ومنعشا، وعليه فإن واجبكم أن تطبقوا قاعدة "ما فسد كثيره، فقليله فاسد".