فلسطين أون لاين

طفلي متعلق بي.. إليك الحل

...
غزة- هدى الدلو:

قبل أن تفكر في الذهاب إلى زيارة خاطفة لجارتها لتبارك لها فرحتها بزواج ابنها، تفكر في السيناريو الذي ستضعه للخروج دون سماع صراخ ابنها، البالغ من العمر ثلاثة أعوام، وتود تركه في البيت مع إخوته، بدلًا من اصطحابه وإحراجها أمامهم.

وتتحدث والدة آدم عن أنها تغري ابنها بالحلويات وبعض النقود لقبول عرضها البقاء في البيت، ولكن في أغلب الأحيان يرفض عرضها دون التفكير فيه، ويبدأ في الصراخ والبكاء، حتى لو أكدت له أنها ستذهب إلى الطبيب، فلن يختلف رأيه في الذهاب معها.

وقالت: "هذا التعلق الشديد يقيد تحركاتي؛ فيرفض طفلي معاونة أي أحد من إخوته، فقط أنا من ألبي طلباته وأكون بجانبه".

تعلق الطفل بوالديه أمرٌ فطري، لكنه يحمل إيجابيات وسلبيات، هذا فضلًا عن أنه له تأثير في بناء شخصية الطفل، فهذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:

الاختصاصي النفسي زهير ملاخة قال: "لا بد أن نعرف في البداية كيف نعبر عن مشاعر الحب وبناء شخصية الأبناء، ويجب أن نعمل العقل والعاطفة في التعامل مع أبنائنا لغرس قيم ومهارات وقدرات متنوعة"، معللًا ذلك بأن كثيرًا من المشكلات التي تكون حاضرة في شخصية الأبناء تأتي من الأسلوب الوالدي: تضارب بين أساليب الوالدين، أو دلال زائد، أو حزم زائد.

وأضاف: "وبذلك قد ينتج عنه تعلق غير محبوب، أو بعد وجفاء، أو تكاسل ولا مبالاة، وفيما يخص التعلق قد يكون ميل الأطفال لوالديهم ميلًا فطريًّا؛ فهما من يلبيان حوائجهم، وأول من يتعرفون إليه في الحياة، وهما مصدر الراحة لهم بكل الأمور الفسيولوجية وغيرها".

وبين ملاخة أن تغليب العاطفة أو أن تجري عادة خطأ قد يسببان مشكلة سلوكية عند الأبناء دون وعي، خاصة في الصغر، ولذلك نجد أن الدلال الزائد والإفراط به دون وجود ممنوعات أو تخطيط أو تنظيم يدفعان الطفل إلى التعلق.

وأشار إلى أن من صور الدلال اصطحاب الوالدين أو أحدهما الطفل دائمًا معهما، وتعويده تلبية متطلباته بمجرد الإيعاز أو الطلب، والقيام بكل ما يخص الطفل في مراحله دون تعويده الاعتماد على نفسه.

وتابع ملاخة حديثه: "هذه الصورة من التعامل توجد لدينا تعلقًا زائدًا سلبيًّا يسبب الضجر للوالدين في أوقات معينة، وأيضًا لا يصب في مصلحة الطفل، وقد يسبب استغرابًا واستهجانًا، وربما ضيقًا عند الآخرين".

وبين أنه يجب جمع الوالدين بين الاعتدال التربوي وبناء شخصية الطفل تدريجًا لخلق حالة من النظام والتكامل، ليعي الطفل معنى النظام وتحمل المسؤولية، ومعاني الصواب من الخطأ وما له وما عليه، وذلك بالأسلوب التربوي القائم على التوجيه والإرشاد، وما ينشأ عليه الطفل من مشاعر وسلوكيات، تعود رؤيتها وإحساسها والعمل بها.

ونبه ملاخة إلى أن سلوك الوالدين له دور كبير في أن يكونا قدوة، فتدخلاتهما التربوية، والجمع بين الهدوء والحب والحزم والتخطيط، وإعانة الطفل على الفهم والمشاركة والتعاون والصبر وتقدير الآخرين وتحمل المسؤولية، ومعرفة قيمة الأشياء، وماذا يفعل في الأحوال والأشكال والأنشطة الاجتماعية، وغيرها من التعاملات يجب أن تغرس بأسلوب هادئ جميل مستمر وكامل غير ناقص أو مختلف بين الوالدين.

واستكمل: "كل ذلك يقطع الطريق أمام سلوكيات سلبية، كالتعلق الزائد؛ فعلينا أن نجنب أبناءنا معاني الفوضى والاستهتار، وصحبة الوالدين في كل صغيرة وكبيرة، ومعرفة الصواب من الخطأ، والمسموح من الممنوع، وحدود علاقاتهم بالآخرين".

وأشار ملاخة إلى أن هذا ما يجب أن تكون عليه عاداتنا وسلوكياتنا وطرق تفكيرنا، حتى ننشئ أسرة وأطفالًا يَعون معنى النظام وحسن التعامل، ما يضفي عليهم مزيدًا من البهاء والجمال.