كشف اعتقال الجيش الإسرائيلي عاصمَ البرغوثي منفذ عملية مستوطنتي عوفرا وجفعات آساف قرب مدينة رام الله الشهر الماضي عن وجود ما قالت عنه إسرائيل خلايا حماس النائمة المنتشرة في الضفة الغربية، الكفيلة بزعزعة الاستقرار القائم هناك، ورغم الجهود الأمنية الواسعة التي يبذلها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن فلا زالت هناك مجموعات وخلايا بعيدة عن أعينها، وتتحضر لتنفيذ عمليات أخرى.
بلغة الأرقام، شهد العام المنصرم للتو 2018 تسجيل تنفيذ 33 هجوما مسلحا في الضفة الغربية مقابل 34 عملية في 2017، ما يعني أن الجيش وجهاز الأمن العام الشاباك لم ينجحا في تقليص عدد الهجمات رغم السياسة التي يتبعانها في الإحباط المركز الواسع.
كما أن السياسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية التي ينتهجها الجيش والمخابرات الإسرائيليان في الضفة الغربية تشمل: محاربة ظاهرة التحريض على العمليات، والعثور على أسلحة، وكشف ورش لتصنيع وسائل قتالية، ومعظم هذه العمليات والفعاليات تنفذها حماس، فهي تجند النشطاء، وتمول، وتخطط للهجمات.
لعل أحد الأسباب الأساسية التي تعارض بموجبها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إبرام صفقة تبادل جديدة مع حماس أن من رُحِّل من الأسرى المحررين في الصفقة السابقة عام 2011 إلى قطاع غزة يعملون على مدار الساعة 24/7 لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وقد شهدت السنة الأخيرة إحباط مئات العمليات في الضفة الغربية، ومع ذلك نجحت حماس في إخفاء خلاياها النائمة التي تتحضر لساعة الصفر.
تبدي إسرائيل خيبة أمل من نهاية عام 2018، لأنه شهد نجاح خلية فلسطينية مسلحة في التخفي عن أعين الرادار الإسرائيلي، ونفذت سلسلة عمليات لإطلاق النار في منطقة رام الله، دون أن تُكشَف هوية أفرادها، وتبين لاحقا أن الخلية مكونة من صالح وعاصم البرغوثي، الأول قتل بنيران الجيش الإسرائيلي، والثاني اعتُقل قبل يومين.
لعل مرد خيبة الأمل الإسرائيلية أنه في ذات اليوم الذي تفاخرت فيه إسرائيل بتصفية الشهيد صالح، قد حذر ضابط إسرائيلي من المسارعة في التباهي، فهناك خلية أخرى طليقة، وملاحقتها مستمرة، وتبين لاحقا أن الخلية يقف على رأسها شقيق صالح القتيل للتو، عاصم البرغوثي الذي اعتقل أخيرا بعد شهر من الملاحقة المكثفة.
أخيراً.. تعتقد المخابرات الإسرائيلية أن ظاهرة الخلايا العسكرية النائمة التابعة لحماس التي تقلق الجيش والشاباك الإسرائيليين، تدفعهما للتنسيق معاً والعمل الميداني جنبا إلى جنب، لأنه من الواضح أننا أمام خلايا عسكرية ذات جودة عالية، تفرض تحديا أمنيا أمام إسرائيل في ظل الخشية من سيناريو وجود عدد من هذه الخلايا النائمة التي تنتظر الأوامر من قيادة حماس للعمل.