فلسطين أون لاين

من خلال الإملاءات والتهديد بقطع الرواتب

تحليل: مخطط كبير تحاول رام الله جرّ فتح بغزة لتنفيذه

...
اجتماع مركزية فتح في رام الله (أرشيف)
غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم تتوقف تداعيات إلغاء قيادة فتح بغزة مهرجان إحياء ذكرى انطلاقتها الرابعة والخمسين عند نهاية يوم الاثنين الماضي، فغضب قيادة الحركة في رام الله لا يزال يتأجج تجاه

"خذلان" القيادة بغزة، فمن وجهة نظر مراقبين كانت رام الله تريد إحداث فوضى في غزة حتى لو كان ذلك على حساب سقوط ضحايا يدفع ثمنه أبناء فتح أنفسهم.

ما طالب به عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي، بإقالة الهيئة القيادية لحركة فتح في قطاع غزة، على خلفية إلغاء احتفالات الانطلاقة الـ54 في القطاع، يؤشر إلى وجود حالة تخبط وتباينات في مواقف الحركة، واستخدام قيادة فتح برام الله ورقة "قطع الراتب" للتلاعب بقيادتها بغزة والتهديد بفصلهم في حال لم ينفذوا أجندتهم، مما سيقود، وفق تقديرات المراقبين، إلى خلافات داخلية فتحاوية قد تحدث "زلزالا داخليا" يطيح بقياداتها ويعمق انقساماتها أكثر، ويؤشر لوجود مخطط كبير تحاول فتح تنفيذه.

وتساءل الطيراوي في تصريحٍ صحفي، عن "الجهة المخولة بإقامة الاحتفالات أو إلغائها، وكيف اتخذ القرار أصلاً".

وردًا على تصريحات الطيراوي، قال عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح بغزة جمال عبيد: إنّ غزة قد أصيبت بالصدمة والذهول، وهي تلملم جراحها، وتسطر صفحات مجدها، من التصريح الذي أدلى به الطيراوي وتناول فيه الشأن التنظيمي الخاص.

وأضاف أن الطيراوي "يعرف أن من أبجديات فتح مناقشة مثل هذه الأمور داخل الإطار التنظيمي، وليس على المواقع الإعلامية"، متسائلًا: "ما الهدف من وراء ذلك؟!".

أمام ذلك، يقول القيادي في حركة فتح "التيار الإصلاحي" عماد محسن: إن "جموع الفتحاويين في قطاع غزة باتوا يدركون أن قيادة المقاطعة وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح وأجهزة أمن السلطة يريدون للفتحاويين خوض مواجهة مباشرة مع حماس حتى لو سقط آلاف الضحايا فلا بأس عند هؤلاء بأن يحدث صدام يدفع ثمنه أبناء فتح".

وأضاف محسن لصحيفة "فلسطين" أن أبناء حركة فتح في غزة أدركوا حقيقة المخطط وتصرفوا بكل مسؤولية من أجل عدم تحول القطاع لبركة كبيرة من الدم واتخذوا قرارا مسؤولا من جهة إلغاء مهرجان انطلاقة فتح الرابعة والخمسين الذي كان مقررا في 7 يناير/ كانون ثاني الجاري، إلى موعد آخر بالتوافق مع وزارة الداخلية بغزة.

ولفت إلى أن قرار إلغاء مهرجان الانطلاقة لم يعجب الكثيرين من قادة فتح برام الله الذين أرادوا اتساع كتلة اللهب وحدوث صدام مباشر بين فتح والأجهزة الحكومية بغزة.

ما صدر عن الطيراوي وغيره من أعضاء اللجنة المركزية لفتح يدلل، وفق محسين، على غياب القرار الجامع والتوافق بين أطر فتح القيادية، تحت قاعدة "كل يغني على ليلاه" وأن الحركة تعاني من إشكالية التوافق على القرار الذي يحدث بشكل مزاجي وهي تريد أن تسير بالمزاج الفتحاوي والفلسطيني على مقياس رجل واحد.

وحول انعكاس هذه الخلافات على وضع الحركة بغزة، يعتقد محسين أن "الأولى أن تعود فتح للمبادئ وثوابتها التي نشأت عليها وتوحيد أجسامها وإنهاء انقسامها الداخلي، وأن تحدّ من سلطة الفرد وتسلطه على الحركة، وليس السير على مزاج شخص واحد قائم على فكرة وضع كل مقدرات الشعب الفلسطيني جانبا واللجوء لمنهج الاستجداء مع الاحتلال، والطرد والإقصاء لكل من يخالفه أو يعارضه في الرأي، وهو ما سيكتشفه جموع الفتحاويين بغزة".

إملاءات من رام الله

يرى الكاتب والمحلل السياسي خالد صادق أن هناك تباينا واضحا بمواقف حركة فتح الداخلية، وأن قادتها بالضفة يحاولون فرض إملاءات على نظرائهم بغزة، الهدف منه توتير الأجواء ومحاولة جر الأمور إلى "ما لا يحمد عقباه" من خلال التحريض على اتخاذ مواقف لا تتناسب مع حالة الوضع في غزة والعقوبات والاحتلال الذي يستهدف الشعب الفلسطيني وحرف الأنظار عن ما يجري بمسيرات العودة ومحاولات كسر الحصار.

ويعتقد صادق في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن هناك أجندة يحاول عباس وقيادات فتح بالضفة تنفيذها في القطاع، بدأت بمحاولات قطع رواتب موظفي السلطة بغزة، وسحب موظفي السلطة من معبر رفح، والتهديد بإغلاق مؤسسات فتح بغزة، وهو ما يدلل على وجود مخطط كبير الهدف منه توتير الأوضاع وفرض عقوبات مؤلمة، وجر قيادات فتح بغزة التي تعيش الأزمة لتمرير المخطط من خلال التحريض على زعزعة الاستقرار الأمني.

يفسر ما سبق، وفق الكاتب الفلسطيني، حجم الضغوط الممارسة على قيادات فتح بغزة من قادتها بالضفة، والتهديد بقطع رواتبهم وتجريدهم من مناصبهم وفصلهم، وتعيين قيادات بديلة تنصاع لما تريده فتح برام الله، معتقدا أن هذه المحاولات قد تؤدي لحدوث مواجهة فتحاوية داخلية يقوم خلالها كل طرف بتعرية الآخر.

وأضاف أن ورقة "التهديد بقطع الراتب" هي أهم ورقة تلعب بها فتح برام الله، مشيرا إلى أن حجب السلطة رواتب الكثيرين من أبناء فتح مطلع يناير الجاري كان رسالة واضحة لفتح بغزة مفادها أن مصيرهم بيد السلطة برام الله.

وحول السيناريوهات القادمة لوضع فتح بغزة، رأى أن الأمور ذاهبة باتجاه زيادة الضغط على القيادة بغزة، أو البحث عن قيادات بديلة، واخضاع القيادات الحالية لما يشبه تحقيق داخلي لعدم الانصياع بتنفيذ المهرجان، متوقعا عدم قبول فتح بهذا الواقع، وأنها تستطيع التأثير بالقرار الداخلي مما يؤدي لـ"زلزال داخلي" بالحركة يطيح بقياديين كبار سواء بغزة أو الضفة.