يختلف الفلسطينيون المسلمونفيما بينهم حول أمور سياسية وغيرها. لكنهم لا يختلفون أبدا حول الفلسطينيين المسيحيين أنهم عضو أصيل من النسيج الوطني. بل إن الإسلام والمسيحية في فلسطين مثل كتاب واحد جميل مكرّم في أرض مقدسة؛ وفي الكتاب حضارة واحدة وتراث واحد ولغة واحدة وتاريخ, ودم واحد وهوية واحدة ومصير واحد في وطن واحد وإن اختلفت صفحات الكتاب في أرقامها.
ما أن قرعت أجراس الميلاد في فلسطين التاريخية اليوم 7/1/2019 وسَمِعت مآذن بيوت الله نشيد السماء يعلو:" المجد لله في العلا" حتى ترنم المسلمون بشطر الثاني لهذا النشيد: وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة." وانطلقت جماهير المسلمين باتجاه الكنائس يبادلون أهلهم المسيحيين التهاني والامنيات ويتقاسمون معهم هموم هذا الوطن الذي يئنّ تحت الاحتلال الصهيوني. وكثير من العائلات المسيحية رفضوا تناول طعام العيد الا واصدقاؤهم وجيرانهم مجتمعون معهم على مائدة المحبة الواحدة يشتركون في الخبز الواحد, مؤكدين انهم على كثرتهم جسد واحد لأنهم يشتركون في الوطن الواحد والهوية الواحدة والصبر والتحدي الواحد والامانة التي تدوم والوفاء الذي لا يتزعزع.
جميعهم ورثوا الاقصى والقيامة ومهد المسيح والعهدة العمرية فهذه الاربعة كانت مثل القوقعة تحمي الشعب الواحد اي الجوهرة الثمينة؛ وقد جعلت هذه بينهم منهج حياة والتزاما بوحدتهم الوطنية. فبيوتهم متلاصقة وحقولهم متلاصقة وتجارتهم متلاصقة وزراعتهم متلاصقة وعلى مقاعد الدراسة هم متلاصقون وكنائسهم وجوامعهم متلاصقة.
فلا اضطهاد يخافون ولا عدوا يرهبون ولا فتنة تصدّع وحدتهم. قد يختلف افراد منهم وهذه ظاهرة صحية فيصلح المسيحي ما افسد المسلم ويصلح المسلم ما افسد المسيحي. وخارجٌ عن الاجماع الوطني من يُلبِس خلافا - اي خلاف – ثوب الدين ليُشَهّر بقضيته التافهة اثارةً لفتنة يعتقد مخطئا انها ستعطي موقفه بُعْداً انفصاليا يضغط فيه القوي على الضعيف. المسيحيون ليسوا ضعفاء، لأن ظهرهم وظهيرهم الوطني قوي. فاسد ضعيف مأجور له مصلحة فردية خفيّة من يثير فتنة بين المسيحيين والمسلمين في فلسطين.
حيث عجزت القاهرة وانقرة والرياض والدوحة عن لمّ شمل فتح وحماس فان عيد الميلاد،في غزة والضفة وكل فلسطين التاريخية وحتى في الشتات، جَمَعَهم ووحَّدهم حول الكنيسة والمسيحيين شعبهم المسيحي العظيم.
شعبنا يحمي بعضه بعضا. ولا يحتاج المسيحي في فلسطين الى اي حماية او حنان او شفقة من الخارج. فالمسيحيون اعزاء في قلوب اخوتهم المسلمين لهم وعليهم ما للمسلمين. وان كان هنا او هناك صوت يدعو ويصيح بِوَيْلات وثُبُور فهو صاحب فتنة مأجور. فتح والفصائل في الضفة الغربية وغزة يحمون المسيحيين وحماس والفصائل في غزة ورام الله يحمون المسيحيين.
شعبنا عصيٌّ على القسمة أو الكسر.
كل عام وشعبنا وارضنا وقدسنا ومقدساتنا لهيب نار يضيء لوحدتنا الطريق ويعمي عيون طيور البُوم.