فلسطين أون لاين

​الروتين السنوي



ينتهي عام ليعقبه آخر، يطوي سجلات أيامه ويذهب بلا عودة، وقرينه يجهز أوراقه إلى أن يصل، الأول يوضّبُ حقيبة كل الأحداث التي تخللته ويرحل مبتعدًا، والثاني يتفقد ما يخصه ويقترب، ثم يبدأ جميعنا بتمني أن يكون العام الجديد أجمل، نعتقد أن الجمال يكمن في تحقيق كل ما نتمنى، أن يكون العام أشبه بحديقة غنّاء أزهارها نجاحاتنا، ومياهها راحتنا، وشهرتنا هي عصافيرها وفراشاتها.

لم أعتد نعت الأعوام بالصيغة التفضيلية (الأسوأ، أو الأجمل)، لأني لم أعش باقي الأعوام لأحكم على أحدها بالحكم المصيري، وأملك ما أملك من رؤية مفادها أنه لا يمكن لسنة كاملة أن تكون سيئة بمجمل أحداثها، أو أن يكون أحد الأعوام جميلًا جمالًا تامًّا تمام البدر.

دعونا نتفق أن كل حدث أو مناسبة في حياتنا أو أي مشروع مهني له حظ من الإيجابيات كما له حظ من السلبيات، هكذا هي الأعوام أيضًا، صحيح أن إحدى كَفتيّ الميزان (سيئًا، أو جميلًا) سترجح، ولكن -لا شك- لن تكون الكفة الأخرى فارغة أبدًا.

نصيحة: لا تتشاءم من السنوات ومن التواريخ، هي مجرد رقم يرحل ولا يعود أبدًا، احتفظ بتواريخ ذكرياتك كاملة كما تحتفظ بتفاصيل الذكريات؛ أي احفظها باليوم والشهر والسنة، لأنه على الأغلب في العام القادم هذا التاريخ لن يحمل الذكرى نفسها بِخيرها أو بِشرها، وبالمشاعر كلها، فلا تحتفظ بالشهر أو اليوم وتتغاضى عن السنة؛ فلربما تاريخ الحزن في هذه السنة سيكون التاريخ اللطيف في عامٍ قادمٍ أو العكس؛ ولذا احفظ التاريخ كاملًا باليوم والشهر والسنة، ولا تنتظر أن يُنجب هذا التاريخ ذكرى جديدة بالمشاعر نفسها للذكرى القديمة.

ماذا لو ألقى إليك العام نفسه أصعب خبر وأقساه في حياتك ثم جلب لك أعظم أُعطيات السماء، أو أن القدر المحتوم قضى على أغلى إنسان في حياتك، وأنت حققت إنجازًا انتظرته سنين طويلة؟، هو فقط القدر وهي فقط الحياة التي يجب أن تمضي، ودولابها الذي لا يكفُّ أبدًا عن الدوران، عِش كل لحظة فرح وكل لحظة حزن، وتذكر أنها ستمضي ولن تعود، ولذا احمل لها في قلبك ما تشاء، ثم اصنع الجمال بنفسك، لأن الأعوام إن حملت جمالًا فأنت من عليه أن يزين الجمال، اكتب أحلامك للعام الجديد، وانتظر أن يعود هذا اليوم بعام جديد ومشاعر جديدة أيضًا، وأنت تنظر خلفك إلى كمية إنجازك خلال 365 يومًا.