فلسطين أون لاين

فساد نتنياهو.. الصورة النموذجية عن دولة المستوطنين "الم

انتظر الإسرائيليون، كما الفلسطينيين، ساعات طويلة بانتظار البيان الصحفي الذي أعلن عنه بنيامين نتنياهو قبل ساعات، وتبين أنه يتعلق بقضايا الفساد التي تلاحقه، وتزداد شراستها عشية إجراء الانتخابات البرلمانية خلال تسعين يوما.

تشكل الاتهامات الموجهة لنتنياهو، والحديث عن شهود الدولة، ومطالبة المستشار القضائي للحكومة بتوجيه لائحة اتهام ضده، أو الاستماع إليه، في ذروة الدعاية الانتخابية، كشفا عن حجم وطبيعة الفساد المستشري في الحياة السياسية الإسرائيلية، وأثرها على طبيعة النظام السياسي مستقبلاً في (إسرائيل)، لا سيما في ضوء تورط معظم الطبقة السياسية في قضايا فساد مالي وإداري وأخلاقي متعدد الجهات.

ما يعيشه نتنياهو من اتهامات وملاحقات واعترافات تعتبر محاولة لاستقراء تبعات ونتائج ظاهرة الفساد السياسي في (إسرائيل)، في ضوء أن "بارومتر" الفساد في مؤسساتها آخذ في التزايد عاماً بعد عام، مما يجعل من أخبار الفساد الجريئة، مثيرة للجدل عن حالة المجتمع الإسرائيلي، لأنها تكلف الدولة ثمناً باهظاً.

كما أن الوضع الصعب الذي يعيشه نتنياهو يدفع بالإسرائيليين لأن يطلقوا على زعاماتهم السياسية الحاكمة اليوم بأنها "قيادة فاسدة"، وتسري كـ"القوارض" في روحها، من خلال قدرتها الفائقة على "تلويث" الجو، وتأثيرها السلبي على ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة، مما يقلل من صورتها في العالم، ويخرج بقناعة مفادها أن (إسرائيل) وصلت إلى مستوى من الفساد فقدت من خلاله "الفرامل" والكوابح اللازمة لإدارة الدولة.

يعتقد الإسرائيليون أنه حان الوقت الذي يجب فيه تجفيف المستنقع السياسي الذي تغرق به الحياة السياسية الإسرائيلية، الذي بات ذا رائحة كريهة، بعد اتضاح مدى استشراء ظاهرة الفساد السياسي، التي باتت تفوق خطر العمليات الفدائية الفلسطينية، خاصة وأن القضايا التي يتورط فيها نتنياهو، وتعداد ملفاته "1000، 2000، 3000، 4000"، تجعلها منقسمة بين: الامتيازات الحكومية، الرشوة، والتعيينات السياسية، مما يجعلنا نستذكر رئيس الكنيست الأسبق "أبراهام بورغ" الذي صرح قائلاً: "إن (إسرائيل) غدت دولة من المستوطنين تقودها زمرة من الفاسدين".

الملفات الأربعة التي يلاحق فيها نتنياهو حافلة بعدد وافر من قضايا الفساد السياسي والإداري والمالي، التي عاشتها الأوساط الإسرائيلية منذ سنوات طويلة، تصور (إسرائيل) دولة قائمة على نسبة فساد عالية، فاقت النسبة المقبولة في الدول المتقدمة، وضع (إسرائيل) في أسفل سلمها، وعلى رأس قائمة الدول الأكثر فساداً فيها، كما اعتبرها من الدول الأكثر خطورة، من حيث عدم تطبيق القانون والفلتان الاقتصادي، وترسب ظاهرة الفساد في المؤسسات الأهلية والحكومية والخاصة.

لعل التأثير الأكثر أهمية لمسلسل الفساد والفضائح التي تلاحق نتنياهو، يتمثل بإقرار أوساط إسرائيلية واسعة، من داخل الائتلاف الحكومي المنحل، أو المعارضة، بما يسمونه "تدهور القيم واضطراب الروح وأفولها" في (إسرائيل)، فهي تسير في الاتجاه غير الصحيح، وتنجر في الظلمة نحو هلاك محتمل، ليس بسبب أعدائها، وإنما "بسببنا نحن الشعب وقياديينا، أو من يدعون القيادة، نحن الإسرائيليين لدينا قيادة تعيش كل الوقت تحت علامة استفهام أخلاقية، والجمهور لا يثق بها!".