استكمالا لمعرفة تبعات تصريحات الرئيس المصري حول التعاون مع إسرائيل لمواجهة الأحداث المتلاحقة في سيناء، فقد بدا واضحا في السنوات الأخيرة أن إسرائيل تعطي لنفسها حق إعطاء التقييم الأمني والعسكري لما يقوم به الجيش والأجهزة الأمنية المصرية في سيناء.
صدر آخر تقدير موقف أمني إسرائيلي في نوفمبر عن خيبة أمل كبيرة من أداء الجيش والمخابرات المصريين بسيناء؛ لأنهما لم ينجحا حتى الآن في استئصال قوات تنظيم الدولة في شبه الجزيرة، رغم المساعدات الإسرائيلية المقدمة لمصر، مع تقديرات استخبارية إسرائيلية بأن عدد الجهاديين هناك بلغ ألفي مقاتل.
تشكو أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من عدم قدرة الجيش المصري في إيقاع الهزيمة بتنظيم الدولة، رغم ما تحظى به من مساعدات هائلة من نظيراتها الغربية وإسرائيل، لكن السلطات المصرية لم تنجح بعد في إنجاز مهمتها، رغم الوعود التي أصدرتها أنها ستتمكن حتى أواخر 2018 من القضاء على شأفة الجماعات المسلحة في سيناء، لكن ذلك لم يحدث، رغم العمليات العسكرية المتواصلة شمال سيناء في مناطق رفح والشيخ زويد والعريش.
في استعراض إسرائيل لخارطة التهديدات المحيطة بها، ما زال تنظيم الدولة يشكل تحديا للجيش المصري، رغم شنه عمليات ضده منذ 2011 حتى اليوم، دون أن يطيح به، مما يزيد من عدم الثقة بإمكانية نجاح مصر بالقضاء عليه، مع وجود تهيئة رسمية للرأي العام المصري بعدم قدرة الجيش على طي صفحة التنظيم فيها، كونها مهمة مستحيلة.
تراقب إسرائيل ما يحصل على حدودها المصرية، وتقدم المساعدات الأمنية للجيش المصري، ووافقت على إدخال المزيد من القوات العسكرية المصرية لسيناء بكميات كبيرة، لقناعتها بأن اجتثاث تنظيم الدولة من سيناء يحقق لإسرائيل مصالح أمنية حيوية.
رغم ذلك، يرى الإسرائيليون أن نظام السيسي لم يوفر البضاعة اللازمة منه في سيناء لتحقيق الهدوء، رغم ما أبداه الجيش من قسوة بالغة مع المسلحين، بتحسين قدراته الأمنية، وجمع المعلومات، وتجنيد عملاء لهم داخل تلك المجموعات المسلحة، وموافقة إسرائيل على إدخال قوات عسكرية كبيرة لسيناء.
كما تراجعت القيود الإسرائيلية المفروضة على القوات المصرية بسيناء، الخاصة بأعداد الجنود والدبابات والوسائل القتالية وناقلات الجند والطائرات، وقد تجندت بجانب المخابرات المصرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية والإسرائيلية، بجانب سلاح الجو الإسرائيلي وطائراته المسيرة دون طيار.
اليوم تبدي إسرائيل، ومع تسلم القائد الجديد لجيشها بعد أيام قليلة، أن جبهة سيناء، لا تقل خطورة عن نظيراتها في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، وربما إيران، مما يتطلب توفير المزيد من القدرات والإمكانيات اللازمة لإحباط أي تهديدات تأتي من هذه الجبهة الرخوة.