لا يتصورن أحد من القراء الكرام حجم المتابعة الإسرائيلية الحثيثة للتصريحات الأخيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول تعاون جيش بلاده مع إسرائيل لمواجهة "الإرهاب" في سيناء، قائلا إن "لدينا نطاقا واسعا من التعاون مع الإسرائيليين بصورة غير مسبوقة، وفي حين أن مصر تقاتل ألف مسلح في سيناء، فإنها تسمح للإسرائيليين بمهاجمتهم جوًا، وإن العلاقات بين مصر وإسرائيل هي الأمتن منذ بدئها قبل أربعة عقود".
هذه التصريحات الصادرة عن أعلى الهرم السياسي في مصر، جديرة بأن تحظى بمتابعة الأوساط الإعلامية والسياسية في تل أبيب، في ظل ما تبديه إسرائيل من متابعة حثيثة للتطورات الأمنية المتلاحقة في سيناء، لا سيما العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري ضد المجموعات المسلحة منذ شباط/فبراير 2018، التي تستهدف مواجهة عناصر مسلحة في شمال سيناء ووسطها عبر تدخل جوي وبحري وبري وشرطي.
وفيما ترى إسرائيل زيادة المخاطر التي تشكلها هذه المجموعات، عبر تهديدها للمستوطنات الإسرائيلية المتاخمة للحدود المصرية، فإن ذلك يجعل التقييم الإسرائيلي لما تشهده شبه الجزيرة شأناً إسرائيلياً بامتياز.
يمكن الحديث عن الدور الإسرائيلي في سيناء باعتبارها خاصرتها الجنوبية الضعيفة، وغياب السيطرة الأمنية والعسكرية المصرية، وإمكانية انزلاق التدهور الأمني داخل حدود إسرائيل، حيث تظهر المتابعة الإسرائيلية لأوضاع سيناء، جملة أسباب تدفع إسرائيل للاضطلاع بدور مركزي فيها.
على رأس هذه الأسباب أن مصر تعد حليفة إستراتيجية ومهمة لما يعده نتنياهو الحلف المعتدل، لاستيعاب النفوذ الإيراني المتنامي بهدف إضعافه، وتجري المخابرات الإسرائيلية اتصالات إقليمية سرية، لكنها واضحة، مع عدد من الدول العربية، منها الأردن والإمارات والسعودية والبحرين والسودان وغيرها، لمساعدة مصر في هذه المهمة السيناوية.
وهناك رغبة إسرائيلية بالحفاظ على الهدوء الأمني على طول الحدود الجنوبية مع مصر، وإقامة علاقات حسن جوار، بجانب التصور الإسرائيلي عن حماس وقطاع غزة، فإسرائيل تزعم أن مسلحي سيناء يقيمون اتصالات وثيقة مع حماس والمنظمات السلفية بغزة، وهرّبوا لهم أسلحة عبر الأنفاق ووسائل قتالية.
لا تتورع إسرائيل عن الإقرار بالتدخل العسكري المباشر وغير المباشر في سيناء، آخرها إعلان نتنياهو في ديسمبر عن جهود أمنية وعسكرية تبذلها إسرائيل لمنع وجود تنظيم الدولة الإسلامية وحلفائه وبقائهم في سيناء، دون إعطاء مزيد من التفاصيل، لكن الرجل تحدث عما يمكن وصفه "سرا مكشوفا، وليس جديدا".
تعتقد إسرائيل أن المجموعات المسلحة التي قُضي عليها في سوريا والعراق، تحاول العثور على موطئ قدم لها في مصر، وإسرائيل تمنع ذلك بطريقتها، لكنها تبالغ في جهودها في سيناء بالقول إنه لولا وجودها لأقام تنظيم الدولة دولة له بهذه الصحراء، كفيلة بأن تشكل تهديدا على كل المنطقة.