زادت في الآونة الأخيرة حدة الاعتقالات السياسية التي تمارسها أجهزة أمن السلطة بحق المواطنين، حتى تعدّى الأمر اعتقال النشطاء السياسيين لاعتقال طلبة الجامعات والأسرى المحررين والصحفيين في محافظات الضفة الغربية المحتلة، ناهيك عن حالات القمع بحق المتظاهرين السلميين.
وقالت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية : إن أجهزة أمن السلطة التابعة لرام الله اعتقلت نحو 60 مواطناً خلال الأسبوع الماضي.
وفي السياق، أكد مختصان حقوقيان على أن الاعتقالات السياسية تخدم مصلحة الاحتلال الاسرائيلي بالدرجة الأولى، عدا عن أنها تزيد من فرقة وانقسام الشعب الفلسطيني، مطالبيْن الفصائل والقوى والهيئات الوطنية الفلسطينية بالضغط على جميع الأطراف لوقف هذه "السياسة التدميرية للشعب الفلسطيني والقضية".
جريمة وطنية وأخلاقية
وقال رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية خليل عساف: إن "الاعتقالات السياسية جريمة وطنية وأخلاقية، لا تخدم سوى الاحتلال الذي يريد الشعب الفلسطيني مفرقا منقسما لكي ينفذ مخططاته الاستيطانية دون أي مواجهات أو معيقات من الفلسطينيين".
واستنكر عساف خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" هذه الاعتقالات متسائلاً: "لمصلحة من تُنفذ هذه الاعتقالات"، كما أنه يرى فيها من التحقير لأبناء الشعب الفلسطيني الكثير، عدا عن أنها تمثل حالة الاستهتار بأرزاق المواطنين وأقوات أطفالهم، والحياة الكريمة بشكل عام.
ووصف الاعتقالات السياسية بأنها "خيانات رخيصة" لا يمكن أن يستفيد فاعلها، وهذه عطيّات مجانية للمستوطنين، وللاحتلال وكافة أعداء الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن التاريخ سيفضح كل شخص أساء لأبناء شعبه الفلسطيني.
وحول دور القانون من هذه الاعتقالات، لفت إلى أن السلطة الفلسطينية لديها قانون قوي وواضح يحظر الاعتقالات التعسفية، مستدركاً بالقول: "لكن ما يُمارس على أرض الواقع، هي جرائم تتم أحيانا باسم القانون، وأحيانا أخرى باسم الوطن".
وأرجع عساف عدم تطبيق القانون الفلسطيني للانقسام الفلسطيني، حيث إنّ السيادة لأجهزة الأمن.
وحول الدور الفلسطيني المطلوب لوقف الاعتقالات السياسية، طالب عساف، كافة القوى الفلسطينية للوقوف بشكل قوي ضد من يُمارسها دون مجاملة، معللاً بالقول: "الأمر لم يعد يحتمل السكوت، لأن الأمور اذا بقيت على هذه الحالة شهرا اضافيا، قد تكون بذورًا لحرب أهلية، وفتنًا داخلية".
ودانت حركة حماس حملة الاعتقالات الواسعة التي تشنها أجهزة أمن السلطة ضد قيادات حركة حماس وكوادرها في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، داعيةً القوى والمؤسسات الحقوقية والإنسانية للضغط على رئاسة السلطة وأجهزتها في الضفة، لوقف الاعتقال السياسي والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في سجونها.
أسباب زيادة الاعتقالات
وعدد الناشط الحقوقي سعد شلالدة أسباب زيادة حدة الاعتقالات خلال الآونة الأخيرة، للحالة السياسية التي تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة، واختلاف الآراء بينهما، عدا عن الأزمات التي يعيشها الشارع الفلسطيني.
وأكد شلالدة لصحيفة "فلسطين" على أن هذه الاعتقالات مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني الذي نص على حرية التجمع السلمي، وحرية الانتماء للأحزاب السياسية، وحرية الرأي والتعبير، كما أنه لم يميز بين الإنسان لاختلاف عرقه أو لونه أو انتمائه.
وعدّ مشكلة الاعتقالات أنها مشكلة فلسطينية متشعبة، لافتاً إلى وجود أدوار اقليمية ودولية لها علاقة، مشددا على ضرورة أن يكون الحل الفلسطيني بعيدا عن هذه الأدوار.
وأضاف: "نحن الفلسطينيين أقوى عندما نكون يدا واحدة وشعبا واحدا، والأخطار التي تهددنا واحدة الاحتلال والاستيطان، وما يجمعنا أكثر ما يفرقنا، ولا يجب أن نكون أداة في يد الاحتلال لتنفيذ مخططاته".
وتابع قائلاً: "آن الأوان لوضع حد للانقسام والجلوس على طاولة واحدة والاتفاق على القضايا الخلافية".