كلما بدأ العد التنازلي لذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أبريل القادم، تتضح أكثر فأكثر التبعات المتوقعة لهذه الانتخابات على الواقع الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو القدس، على اعتبار أنها الجبهات التي تظهر فيها التمايزات الحزبية، وتعتبر بيضة القبان في تحصيل المزيد من الأصوات والتأييد.
هذا يعني بالضرورة أن تزداد المزايدات الإسرائيلية التي يصدرها عتاة اليمين وقيادات اليسار، على حكومة تسيير الأعمال برئاسة نتنياهو، المعني أكثر من سواه باستقرار الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية، على الأقل حتى انقضاء مراحل الدعاية الانتخابية وصدور الشعارات الحزبية، وبعدها التاسع من أبريل، يكون حينها لكل حادث حديث.
بالإمكان تفصيل التداخلات الانتخابية الإسرائيلية على الواقع الفلسطيني على النحو الآتي:
- الضفة الغربية: في ظل كونها ساحة الصراع الحقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قبل الانتخابات وخلالها وبعدها، هي المسرح الأكثر تجلياً للدعاية الانتخابية الإسرائيلية، وقد رأينا بوادرها مبكرا حين أعلنت الحكومة الإسرائيلية مصادقتها على بناء الآلاف من الوحدات السكنية الاستيطانية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
- القدس: التي خرجت لتوّها من الانتخابات البلدية الاحتلالية، ومن المتوقع أن تشهد مزيدا من عمليات التهويد والأسرلة، من خلال البناء الاستيطاني المكثف، أو فرض الوقائع اليهودية، أو زيادة العوامل الطاردة أمام المقدسيين، وتعزيز توافد المستوطنين اليهود إلى المدينة المقدسة، ولعل تزايد الحديث عن عمليات شراء العقارات المقدسية في هذه المرحلة بالذات تبدو ملائمة للحملات الانتخابية الإسرائيلية.
- قطاع غزة: الساحة الأكثر اشتعالا في الدعاية الانتخابية الإسرائيلية، وقد جاء إبرام التفاهمات الأخيرة بين (إسرائيل) ومصر وقطر والأمم المتحدة وحماس الخاصة ببدء تسليم موظفي غزة لرواتبهم، وتوسيع مساحة الصيد، وتخفيف حدة التوتر الأمني، عشية الدعوة للانتخابات المبكرة، لتمثل لنتنياهو الإنجاز الأهم، كي يواصل تسويق مواقفه الانتخابية بعيدا عن أي تطورات أمنية ميدانية ضاغطة.
أكثر من ذلك، ستظهر الحكومة الإسرائيلية تطرفاً أكثر وعدائية أوضح تجاه السلطة الفلسطينية، في ظل الحملات الإعلامية والتحريض المتواصل عليها، بزعم أنها تشجع العمليات المسلحة والهجمات الفدائية، مع أنها تواصل تنسيقها الأمني مع إسرائيل على مدار الساعة في ذروة القطيعة السياسية.
إن بقيت الأمور على حالها في هذه الساحات الفلسطينية الثلاث، فقد تشكّل وصفة نموذجية لفوز متوقع لليمين الإسرائيلي برئاسة نتنياهو، الأمر الذي ستدفعه للبقاء سائرًا فيها، واستكمالها، في كل منطقة على حدة، لكن الواقع الميداني لا يعطي أحدا، وفي كل المناطق، ولجميع الأطراف، بوليصة تأمين، تجعله مطمئناً لما تحمله قادم الأيام، بل إن التطورات غير المتوقعة قد تفاجئ طرفا أو كل الأطراف، وتقلب التوقعات في واحدة من تلك الجبهات، أو جميعها.