فلسطين أون لاين

​"الشراء العاطفي" تفريغ نفسي بالتسوق آخره ندم

...
الشراء العاطفي
غزة- مريم الشوبكي

تريد أن "تفرغ" حزنها فتختار التسوق، تذهب إلى السوق، وتعود حاملة أكياسًا فيها من الملابس وأدوات المطبخ، وحينما تهدأ وتذهب "السكرة" وتأتي "الفكرة" تكتشف أنها خسرت مالًا على أشياء يمكنها الاستغناء عنها، وتبدي ندمًا على ما فعلته.

الشراء العاطفي أو الإنفاق العاطفي يقع فيه كثيرون، والنساء بنسبة أكبر من الرجال، لتركيبة حواء العاطفية والنفسية التي تختلف عن تركيبة آدم، ويلجؤون إليه هربًا وتفريغًا لمشاعر سلبية تعتريهم، معتقدين أنها ستجلب راحة نفسية لهم، ولكن فيما بعد يكتشفون العكس.

مشاعر سلبية

الاختصاصي النفسي د. إياد الشوربجي بين أن الشراء العاطفي يحدث عند شراء ما لا يحتاج إليه الشخص تحت تأثير مشاعر سلبية يعانيها كالإحباط، والضغط الشديد، والوحدة، والملل، والحزن، وغيرها من المشاعر السلبية.

وذكر د. الشوربجي لـ"فلسطين" أن بعضًا يلجأ إلى الشراء العاطفي وسيلة لتفريغ الشحنات السلبية التي يشعرها بها، وتغيير مزاجه وإدخال السرور المؤقت إلى نفسه، ولكن بعد تجاوز الأزمة يكتشف سخافة ما اشتراه، وعدم جدواه وانعدام قيمته، وأنه يمكنه الاستغناء عنه.

وأشار إلى أن الشراء العاطفي يحدث انعكاسًا لحالة نفسية سيئة، أو توترًا، أو المرور بتجربة عاطفية فاشلة، أو أزمة مالية، أو خلافات أسرية، أو مشكلات في العمل، وهو تمرد على الواقع الموجود لإشغال النفس، أو وسيلة هرب من واقع مرير يعيشه.

ولفت الاختصاصي النفسي إلى أن كلا الجنسين يقوم بالشراء العاطفي، ولكن غالبًا السيدات أكثر من الرجال، لأن الجانب العاطفي أعمق لديهن، وطبيعة تكوين الأنثى تختلف عن الرجل، وبذلك درجة تأثرها بالمحيط والأحداث أكثر.

عواقب الشراء

وعن عواقب الشراء العاطفي ذكر أن الشخص يصيبه الشعور بالندم على ما اشتراه، لاكتشافه أنه ليس بحاجة إليه، ويبذر مالًا أخل بميزانيته الشهرية، وشكل عبئًا ماليًّا عليه في إطار جدولة تسديد ديونه، إضافة إلى تواصل المشكلة وعدم إيجاد حل جذري لها.

وبين د. الشوربجي أن الشخص قد لا يدرك أنه يعاني الشراء العاطفي، ويحتاج إلى تنبيهات ممن حوله ويثق بهم أن لديه خللًا في نمط الإنفاق، ويدرك خطورة الأمر لديه حينما يجد كميات من الملابس أو أدوات لا يحتاج إليها، أو كميات من الأغذية تفيض عن حاجته، وعندما يجد نفسه أنه يعاني خللًا في ميزانيته.

وللسيطرة على مشكلة الشراء العاطفي نصح أن يعترف الشخص بالمشكلة التي دفعته نحو الشراء، والبحث عن حلول لها، بعيدًا عن الذهاب إلى التسوق، وتنفيس الحالة النفسية السيئة بالقيام بنشاطات بدلية كلعب الرياضة، والتنزه، والتحدث والفضفضة إلى صديق يثق به، أو القراءة.

ولفت د. الشوربجي إلى أن يمكن تحديد ميزانية معينة لقائمة المشتريات والاحتياجات، قبل الذهاب إلى التسوق، وفي حال تملك الشخص شعور بآنية الشراء يمهل نفسه فرصة للتفكير يومًا واحدًا حتى يتحقق من مشاعره وحاجته الحقيقية للغرض الذي يريد شراءه، وفي حال اكتشف أنه لا يحتاج إليه يهمله ويصرف النظر عنه، ومع مرور الوقت سينساه.

ودعا الأشخاص الذين يتأثرون بالإعلانات التجارية طوال الوقت -لا سيما النساء- إلى تجنبها، على التلفاز، أو منصات التواصل الاجتماعي، أو إعلانات الشوارع، والجرائد، والإذاعات.

تجنب الشراء

ونصح د. الاختصاصي النفسي الأشخاص حينما تتملكهم المشاعر السلبية بتجنب الأماكن التي تجذبهم إلى التسوق، كالأسواق ومراكز البيع والمولات، أو تصفح مواقع البيع على منصات التواصل الاجتماعي التي تعرض بضائع طوال الوقت.

وأشار إلى أن التفكير في العواقب المترتبة على الشراء العاطفي، بعد القيام به تحت الضغط النفسي، من تبذير المال، واختلال ميزانية الأسرة، وما يعقبه من ندم؛ يجعل الشخص يفكر جيدًا قبل الشراء.

وأكد الشوربجي أن متعة الشراء تتحقق حينما يشتري الشخص ما يحتاج إليه ويلبي حاجة ملحة لديه، مبينًا أنه ليس معنى ذلك حرمان نفسه شراء بعض الأشياء بين الحين والآخر، مع إدراك الدافع الأساسي لشرائها والمنفعة التي تعود عليه من ورائها، بعيدًا عن الأزمات النفسية التي تؤدي إلى الوقوع في أزمات مالية.