تتوالى الهزات الأرضية وتبعاتها في الحلبة السياسية الإسرائيلية عشية العد التنازلي للانتخابات البرلمانية المبكرة، مما ينذر بأننا أمام موسم انتخابي حامي الوطيس، ودعاية انتخابية قاسية، سيكون عنوانها الأبرز "حرب الكل في الكل".
آخر هذه الهزات تمثلت في إعلان تفكيك "المعسكر الصهيوني" برئاسة آفي غاباي، والطرد المهين الذي واجهته وزيرة الخارجية السابقة تسيفي ليفني زعيمة حزب "الحركة"، على الهواء مباشرة، الأمر الذي يمنح مزيدًا من أوراق القوة لمعسكر اليمين الصهيوني.
سبق هذا الانشقاق في يسار الوسط انشقاق في الاتجاه المعاكس للوزيرين نفتالي بينيت وآيليت شاكيد عن حزب "البيت اليهودي"، وتشكيل حزب جديد تحت اسم "اليمين الجديد"، الأمر الذي حذر منه بنيامين نتنياهو باعتباره يقدم هدية من السماء للقوى اليسارية التي ستستغل مثل هذا التشظي في معسكر اليمين لصالحها.
أكثر من ذلك، ففي حين تعززت التقديرات الإسرائيلية بخصوص تشكيل الجنرالين الأشهرين في إسرائيل "موشيه يعلون وبيني غانتس" قائمة انتخابية واحدة وصفوها في إحدى اللحظات بأنها "قائمة العسكر"، لكن الأخير فاجأ تلك الأوساط بتشكيل حزب جديد أسماه "حصانة إسرائيل"، مما أثار غضب الأول، الذي كان حريصا على التقدم بقائمة مشتركة تحظى بأصوات الإسرائيليين، المتطلعين إلى زعماء سياسيين ذوي خلفية عسكرية أمنية.
ما زالت أمامنا 96 يوما على ذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع يوم التاسع من أبريل القادم، وربما تنتظرنا مفاجآت من العيار الثقيل، باتجاه إحداث مزيد من الانشقاقات السياسية والتفسخات الحزبية، الأمر الذي سيضع المزيد من الصعوبات أمام أي مؤسسة بحثية أو استطلاعية تسعى لوضع تقديرات أولية حول النتائج المتوقعة لتلك الانتخابات.
تجدر الإشارة إلى نقطة غاية في الأهمية من هذه التقسيمات الجديدة والتشكيلات المستحدثة في الخارطة الحزبية والسياسية الإسرائيلية، وتتمثل في أن العديد من برامجها السياسية وبنودها الحزبية تبدو متشابهة، وأحيانا تقترب من حد التطابق، لاسيما في معسكر اليمين، الأمر الذي يشي بأن السبب الأساسي لهذه الانشقاقات يكمن في تطلعات شخصية، وشخصية فقط.
لم يقتصر الأمر على التقديرات، فمن بين عدد من أولئك المنشقين، أو ممن شكلوا أحزابا جديدة، صرح هؤلاء بأنهم يتطلعون لأن يحصلون على المقعد الأول في أي قائمة حزبية، سواء الجنرال غانتس، أو يائير لابيد زعيم حزب "يوجد مستقبل" الذي أعلن قبل ساعات فقط، أنه لن يسمح لأحد بأن يتقلد رقم واحد في قائمته الانتخابية، لو قدر له الدخول في ائتلافات حزبية مع قوى أخرى من معسكر يسار الوسط.
هذه لعبة الانتخابات والترشيحات و"الكولسات والتربيطات"، في إسرائيل وغيرها من دول العالم، لا دين لها ولا مبادئ، هي المصلحة الشخصية والحزبية التي تطغى على ما سواها!