من المقرّر أن يكون على طاولة مجلس الأمن قريبًا طلب جديد لعضوية دائمة في الأمم المتحدة لدولة فلسطين التي تنشدها السلطة على ما يعرف بحدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، ومع عدم تمكن الأخيرة من تحقيق هذه الخطوة سابقا، تثار التساؤلات عن المستجدات ومألات هذا المسعى.
وفي 26 من الشهر الجاري، قال وزير الخارجية في حكومة الحمد الله رياض المالكي في تصريحات إذاعية: إنه بناء على توجيهات رئيس السلطة محمود عباس، سيشرع بتقديم طلب دولة فلسطين دائمة العضوية في الأمم المتحدة خلال زيارته نيويورك منتصف الشهر القادم لدى تسلمه رئاسة مجموعة الـ77 والصين، موضحًا أن الطلب سيقدم لمجلس الأمن الدولي.
ويوضح رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أنيس القاسم، أن الطلب المذكور سيمر في إجراءات معقدة، أولها توصية من مجلس الأمن حيث سيصطدم هناك باستخدام الولايات المتحدة حق النقض "فيتو".
ويقول القاسم لصحيفة "فلسطين": إذا حصلت السلطة على عضوية دائمة في الأمم المتحدة لن يعدو ذلك كونه "انتصارا معنويا لا أكثر ولا أقل"، مبينا أنه لن تكون له ترجمة مادية، ولن يوقف الاستيطان أو "الفساد".
ويرى القاسم أن السلطة لا تمتلك أوراق قوة، وأن هذا الطلب "لمجرد التحرك"، مطالبا السلطة بالتحرك باتجاه المحكمة الجنائية الدولية لوقف مجرمي الحرب الإسرائيليين، على اعتبار أن ذلك أولى وأجدى، وفق قوله.
وفلسطين صارت عضوًا في "الجنائية"، بدءًا من 1 من أبريل/ نيسان 2015.
ويؤكد القاسم، أن أوراق القوة التي يمكن أن تمتلكها السلطة تتمثل في "أن تخرج من نفق اتفاق أوسلو" الذي وقعه عباس سنة 1993، قائلا: "إذا خرجت من هذا النفق كل شيء يهون، لكن طالما أنها مرتهنة لهذا الاتفاق ستظل في خدمة الاحتلال، وستنفذ شاءت أم أبت صفقة القرن".
ويضيف أن الذي وقع اتفاق أوسلو "قد ينزلق إلى مزالق أشد خطورة".
وتقول السلطة: إنها تعارض "صفقة القرن" التي تعدّها الإدارة الأمريكية، لكنها تواجه اتهامات فلسطينية بأن هذا الرفض إعلامي فقط، في ظل استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال في الضفة الغربية، وعقد مجالس منظمة التحرير بشكل انفرادي، وحل المجلس التشريعي المنتخب، وفرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة.
"خطوة صغيرة"
من جهته يؤكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط د. جواد الحمد ضرورة اقتران "النضال السياسي" مع مقاومة الاحتلال، قائلا: "يجب أن يكون لدى المناضل السياسي مقاومة ولدى المقاومة نضال سياسي".
ويتساءل الحمد في حديث مع صحيفة "فلسطين"، عن قيمة النضال السياسي دون قوة وتوحيد الشعب الفلسطيني.
ولا يستبعد الحمد استخدام واشنطن "الفيتو" ضد مسعى السلطة في مجلس الأمن، لكنه يصف تقديم الطلب بأنه "مناورة سياسية جيدة".
ويؤكد الحمد أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، مبينا أن حصول فلسطين على صفة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة كان "خطوة للأمام لكنها صغيرة، والكبيرة (الاعتراف بالعضوية الكاملة) رفضته الولايات المتحدة".
ويلفت الحمد إلى أن السلطة ليس لديها أي مشروع للمقاومة أو تحرير الضفة أو فلسطين المحتلة سنة 1948 بأي شكل من الأشكال وذلك مشطوب من قاموسها، لذلك هي كسلطة خيارها الوحيد المجال السياسي على الصعيد الإسرائيلي والعربي والإسلامي والدولي.
لكنه يرى أن الإنجاز في المجال السياسي يصب في خانة تحرير فلسطين.
وينبه الحمد إلى أن حصول فلسطين على عضوية دائمة يتطلب عملا سياسيا ضخما من المجموعة العربية والإسلامية وأمريكا اللاتينية والأفارقة.
ويشدد على ضرورة انضمام فلسطين لجميع المحافل الدولية وألا تترك فراغا للاحتلال الإسرائيلي لتشويه النضال الفلسطيني.
بدوره يقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني د. خالد عبيدات: إن طلب العضوية يتعلق بكيفية التحرك الدبلوماسي بشكل ناجح، مبينا أن من المفروض أن يكون لدى السلطة الفلسطينية كوادر دبلوماسية تجيد التحرك في هذا المجال.
ويضيف عبيدات لصحيفة "فلسطين" أن طلب المالكي في هذا الصدد هو من قبيل الدبلوماسية المدعومة بقدرة معنوية وليس أكثر.
ويتابع بأن على السلطة استغلال هذه القدرة، وإذا أجادت الأخيرة التحرك الدبلوماسي فإنها ستحقق بعض الأهداف، رغم أن تاريخ التحرك الدبلوماسي الفلسطيني ليس حافلا بالنجاحات بل بالآمال.
ويوضح عبيدات أن "الخصم الأمريكي عنيد جدا في زمان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب" وأنه يفرض أوامر وواقعا على الأرض، وهناك سلطة هائلة لدى الطرف الأمريكي وقدرة ضعيفة جدا لدى السلطة الفلسطينية.
ويؤكد عبيدات أن الولايات المتحدة ستستخدم "الفيتو" ضد طلب السلطة في مجلس الأمن.
وعن الدور الذي يمكن أن تؤديه الدول العربية، يقول: إنها تمتلك حق التصويت فقط، وتتحرك مع أعضاء المجتمع الدولي لعلها تقنع أكبر عدد ممكن.
وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب في الأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012.