فلسطين أون لاين

​الخليل القديمة .. مسرح لجرائم المستوطنين

...
مستوطنون يعربدون في شوارع الخليل (أرشيف)
رام الله - محمد القيق

في الجزء الجنوبي من مدينة خليل الرحمن جنوب الضفة المحتلة، يعيش آلاف الفلسطينيين حياة ممزوجة بالانتهاك لأبسط الحقوق، فمنازلهم باتت هدفًا أمام المستوطنين بأسلحتهم المتعددة بحماية جنود الاحتلال بهدف الإجبار على الرحيل الذي لا يوجد له معنى في قاموس الأهالي.

وخلال الأسبوع الماضي نفذت مجموعات من المستوطنين سلسلة اعتداءات، أسفرت عن إصابة ثمانية مواطنين على الأقل وأضرار مادية ضمن هجومهم الممنهج على كل ما هو فلسطيني.

ويوضح رئيس تجمع شباب ضد الاستيطان عيسى عمرو، أن مجموعة من المستوطنين هدمت السبت الماضي غرفة قيد الإنشاء تتبع للتجمع في حي تل الرميدة، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، مما دفع المواطنين لإعادة بنائها من جديد.

ويقول عمرو لصحيفة "فلسطين": إنهم أعادوا بناء الغرفة من جديد ولكن مستوطنين حاولوا هدم جدار خارجي يحمي الأرض المحيطة بالمركز، بالإضافة إلى هدم الغرفة التي أعيد بناؤها لولا تدخل الأهالي وأعضاء المركز الذي حال دون ذلك.

ويضيف: "عشرات المرات اعتدى فيها المستوطنون على مبنى المركز ونشطائه وتنوعت ما بين الاعتداء بالأسلحة وإطلاق الرصاص أو بإلقاء الزجاجات الحارقة أو بإلقاء الحجارة وكل ذلك يتم بحماية جنود الاحتلال".

ويشير إلى أن المستوطنين يأتون من بؤر استيطانية عدة داخل البلدة القديمة أبرزها المتعارف عليها باسم "الدبويا"، حيث يحاولون بسط سيطرتهم على جميع أرجاء البلدة من منازل ومحال تجارية وترهيب الأهالي بهذه الاعتداءات التي يكون الجنود شركاء فيها.

وحول توقيت الاعتداءات هذه الفترة، يرى عمرو أن موسم التنافس الانتخابي بين الأحزاب الإسرائيلية يحمل عادة اعتداءات متلاحقة من المستوطنين بحق الأهالي والممتلكات؛ إذ يستغلون حالة التجاذب بين الأحزاب المتطرفة وينفذون اعتداءاتهم بشكل متكرر في محاولة لتحصيل مكاسب سياسية وكونها فترة حساسة بالنسبة لهم.

ويتابع: "لكننا في ظل كل هذه الجرائم والانتهاكات نحاول الوقوف في وجوههم، من خلال توثيق جرائمهم وإعطاء الأهالي أملًا أنهم ليسوا وحدهم في الميدان وتشجيعهم على التصدي للمستوطنين مهما كانت الخسائر".

صمود

حين تمر من شوارع البلدة القديمة وترى وجوه الأهالي فيها وضحكات الأطفال البريئة تتأكد تماما أنهم باقون مهما كانت التهديدات، فالبلدة استشهد على أرضها عشرات الشبان والفتيات وسجلت جرائم عديدة لكنها لم تؤثر على وجود الفلسطينيين ولم تفلح في رحيل أي منهم عنها.

وتقول السيدة أم محمد الرجبي من البلدة لـ"فلسطين": "نعيش حياة لا تشبه حياة أي إنسان؛ فحين نخرج من منازلنا نحسب ألف حساب حول كيفية العودة إليها لأن الجنود على الحواجز العسكرية الموجودة يوقفوننا ويفتشون ملابسنا وحقائبنا ويحتجزوننا في البرد والحر لساعات غير آبهين لوجود أطفال".

وتُشير إلى أنه في حالات كثيرة ينتهي الأمر بالاعتقال لشبان وحتى نساء وكبار في السن تحت حجج واهية".

وتوضح الرجبي، أن الاعتداءات لا تقتصر على ساعات النهار؛ فبعد أن ينهي المستوطنون جرائمهم خلال اليوم يكملها الجنود في ساعات الليل عبر اقتحام المنازل واعتقال المواطنين، لافتةً إلى أنه تم اعتقال نجلها محمد لعدة أشهر بعد اقتحام المنزل وتفتيشه بتهمة رشق الحجارة، بينما لا يحاسب أي من المستوطنين الذين ينفذون الاعتداءات.

وتؤكد الرجبي، تمسكها وتشبثها بوجودها في البلدة وعدم الخروج منها لأي سبب كان، قائلةً: "هذا بيتي وأرضي ووطني وهم من جاؤوا من الخارج فليعودوا إلى أماكنهم، أما نحن فمنذ أن ولدنا عشنا هنا ولا نتخيل مكانًا نتواجد فيه إلا هنا، ولن نرحل مهم ارتكبوا جرائم ضدنا".