فلسطين أون لاين

​الفضولي يركز في حياتك أكثر منك

...
غزة- مريم الشوبكي

هل قابلت في حياتك شخصًا تخشى أن يفاجئك بسؤال: "كم ثمنه؟" إذا اشتريت ملابس جديدة؟ فتتلعثم لأنك لا تريد أن تكذب وفي الوقت نفسه لا تريد أن تشبع فضوله، لكنه لا يكل عن طرح هذا السؤال في كل مرة.

الفضولي إنسان يحشر "أنفه" في حياة غيره، وكما يقال باللغة الدارجة "مركز مع حياة غيره أكثر من حياته"، في قاموسه ليست هناك نهاية للتساؤلات التي ينتهك فيها خصوصية الآخرين، ويصاب بالتوتر والقلق إن مر عليه حدث ولم يعرف تفاصيله.

ليس مرضًا

الاختصاصية النفسية ختام أبو شوارب بيّنت أن الفضول ليس مرضًا، بل هو سمة شخصية ملتصقة بصاحبها، وهو إنسان يهوى مراقبة الناس، ومعرفة أدق التفاصيل عن حياتهم وعملهم.

وأوضحت أبو شوارب لـ"فلسطين" أن الفضول يتدخل في حياة الآخرين بدافع الغيرة، وعدم الثقة بالنفس، ولا يريد أن يحققوا نجاحًا ويكونوا أحسن منه، ودائما يحاول التعطيل على غيره، ويركز مع الآخرين أكثر من تركيزه على نفسه.

وأشارت إلى أن الفضولي لا يفكر في تطوير نفسه، بل ينصب جل تفكيره دائما أن الآخرين لا يحبونه ويحقدون عليه أيضًا، ويأخذون الفرص منه، وأنهم أفضل منه، ودائمًا يعيش في حالة من التوتر والقلق، فاقدًا للسلام الداخلي.

البيت والمدرسة

هل الفضول سمة فطرية أم مكتسبة؟ أجابت أبو شوارب: "البيئة التي نشأ بها الشخص لها دور في تشكيل سمة الفضولية لديه، إن تعرض لتمييز بينه وبين أخوته، وأن أسرته دائما ضده، هذا يبني عنده مبدأ الفضول ولا يريد أن يكون أحدٌ أفضل منه".

وتضيف: "وإذا كان عنده طموح ولم يستطع أن يحققه، وشعوره بالإحباط يجعله يلجأ للفضول ويركز في حياة الآخرين".

ولفتت الاختصاصية النفسية إلى أن للمدرسة دورا في تعزيز الفضول لدى الشخص، بسبب التمييز بين الطلاب المتفوقين، أو أن والديه لهما مكانة اجتماعية، أو أنهما معلمان في المدرسة ذاتها.

وذكرت أن الطفل يولد بفضول إيجابي بأسئلته الكثيرة، وشغفه بتفكيك الألعاب والتعرف إلى كيفية تركيبها، وتعزيز هذا الفضول يدفعه نحو التطور والتعلم والإنجاز دون الإضرار بالآخرين.

وبينت أبو شوارب أن الفضولية لها انعكاسات سلبية على الشخص بانعدام الثقة بالنفس، معانعدام ثقته بالآخرين، ويعاني من اضطراب في علاقاته الاجتماعية فيحدث مشاكل مع أقرب المقربين له من أهله وزوجته وزملائه، كما ليس لديه استبصار بمشكلته ويعزو أخطاءه وفشله للآخرين.

وأفادت بأن الفضولي يعد نفسه أنه ذكي، ولا يقر بفضوله ويعده "شطارة" منه وليس أمرًا سيئًا، لافتة إلى أن الفضول إذا كان من السمات الشخصية يصعب تغييره، لأنه يبني حياته على مراقبة الناس وتتبع مسارات حياتهم، ومن الصعب أن يريح نفسه أو يقتنع بالمثل القائل: "من راقب الناس مات همًا".

وجه فضوله

وعن كيفية التعامل مع الشخص الفضولي المزعج، ذكرت أبو شوارب أنه يحتاج إلى شخص يثق به لكي يوعيه، وحتى يستبصر المشكلة التي يقع فيها، ويساعده في أن يركز على نفسه ونقاط القوة التي لديه ويبرزها أفضل، ويحاول أن يتخلص من نقاط الضعف لديه، وتوجيه فضوله في مسارات إيجابية كتعلم مهارة جديدة، أو علم ينتفع به.

وأشارت إلى أن الشخص عليه أن يضع حدودًا للعلاقة مع الفضولي، حتى لو أدى ذلك إلى قطع العلاقة، أما إذا كان الفضولي شخصا قريبا كزوج أو أخ يجب أن يشعره بالثقة وتقدير مهاراته.

ولفتت الاختصاصية النفسية إلى أن الفضولي إذا كان زميلا مجبرا على التعامل معه يوميًا يمكن الرد عليه بردود دبلوماسية وغامضة حتى لا يصل للمعلومات التي يبحث عنها.

وبينت أن الفضولي شخص متعب للآخرين، لا يقتنع أن لديه مشكلة، ولكن في حال اقتنع بأن فضوله مشكلة عليه أن يركز على تطوير مهاراته وبناء علاقات جيدة مع الآخرين وجعلها محدودة، والمشاركة في دورات ومهارات يفرغ فيها طاقته، ويشغل وقت فراغه بالقراءة والمطالعة مثلا.

ونصحت أبو شوارب الوالدين بتوجيه فضول طفلهم الذي لا يمل من طرح الأسئلة وتفكيك الألعاب، بتوجيه تركيزه وفضوله بناء على المرحلة العمرية التي يعيشها، بإشراكه بنادٍ للعب كرة قدم، أو السباحة، أو الكاراتيه، أو أي نشاطات لا منهجية ليبني ويطور من نفسه كالمطالعة.

ولفتت إلى أن عدم التعزيز الإيجابي لفضول الطفل، يجعله يكبر ويزيد فضوله معه ويصبح فضوليًا مزعجًا.