فلسطين أون لاين

استقالة مدير عام "الضمان".. المسمار الأول في نعشه

...
رام الله-غزة/ طلال النبيه:

مع تصاعد الاحتجاجات النقابية العمالية والشعبية الرافضة لتطبيق قانون الضمان الاجتماعي بصيغته الحالية، ورغم الدعوات الحقوقية والقانونية الموجهة إلى حكومة الحمد الله ومجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي بضرورة إعمال الحوكمة والشفافية في إدارة أعمال المؤسسة، إلا أن هذه الحكومة قررت تنسيب رئيس هيئة التقاعد ماجد الحلو للإعارة إلى مؤسسة الضمان، خلافاً للمبادئ التي قامت عليها المؤسسة.

ومع استمرار حكومة الحمد الله، في تجاهل تلك الأصوات الداعية إلى تطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية والإفصاح، أعلن أسامة حرز الله، المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي استقالته من منصبه، أول من أمس.

وأكد حرز الله في حديثه لـصحيفة "فلسطين" استقالته، رافضاً الحديث عن أسبابها، إلا أنه وفقاً لكتاب الاستقالة فإنها جاءت احتجاجاً على اعتماد مجلس إدارة الضمان لقرار مجلس الوزراء القاضي بتعيين رئيس هيئة التقاعد ماجد الحلو في الادارة التنفيذية لمؤسسة الضمان.

ووصف حرز الله في كتاب استقالته التي حصلت عليها "بوابة اقتصاد فلسطين"، قرار مجلس الوزراء بأنه غير قانوني وفقا لبنود قانون الضمان الاجتماعي الذي لا يخول أي جهة أخرى غير مجلس إدارة الضمان باتخاذ قرارات التعيين، مضيفاً "الوضع القائم في المؤسسة لا يتيح لي الاستمرار بالعمل".

الحراك الفلسطيني يرحب

بدوره، رحب الحراك الفلسطيني الموحد الرافض لقانون الضمان باستقالة حرز الله، مرجعاً أسبابها إلى ضغط الحراك على حكومة الحمد الله ومؤسسة الضمان، إضافة إلى طغيان المصالح الشخصية على إدارة المؤسسة.

وقال صهيب زاهدة أحد القائمين على الحراك العمالي الرافض لقانون الضمان الاجتماعي، في حديث لـصحيفة "فلسطين": إن "مؤسسة الضمان الاجتماعي مؤسسة غير مهنية وغير شفافة وغير وطنية"، مشيراً إلى وجود اختلاف على تقاسم الكعكة المتمثلة بأموال الشعب الفلسطيني.

وأوضح زاهدة أنه تقدم بشكوى لهيئة مكافحة الفساد بخصوص تضارب المصالح داخل مؤسسة الضمان، وإصرار مجلس إدارتها على عمل دعاية في شبكة راية اف أم التي يملكها بسام الولويل وهو عضو في مجلس إدارة الضمان.

وأكد أنه لا يوجد أي اجتماعات مع مؤسسة الضمان أو حكومة الحمد الله، قائلاً: "اجتماعاتهم كذب وخداع، ونحن ماضون في إسقاط القانون، لأن لغة الميدان تتحدث، والحوار مع الحكومة لا جدوى له".

وأضاف: "نرفض الحوار دون أي خطوة، ولو جمّدوا القانون على الأقل ممكن نتحاور"، مؤكداً وجود فعاليات واحتجاجات قادمة في ميادين مختلفة من محافظات الضفة الغربية.

ولفت زاهدة النظر إلى وجود فعاليات دائمة في محافظة الخليل في اجتماعات مستمرة مع العائلات والعشائر، الواقفة مع مطالبات الحراك، واستمرار حملة التوقيع على عريضة الكرامة لإلغاء قانون الضمان الاجتماعي.

بدوره، أكد عامر حمدان المنسق العام للحراك الفلسطيني الموحد، أن استقالة حرز الله يعد رد فعل طبيعيًا لأي خطوة غير قانونية، تجري بين مؤسسة الضمان الاجتماعي وحكومة الحمد الله، لافتاً إلى وجود اعتصام ووقفة احتجاجية في نابلس رافضة للقانون، أمام مقر البنك العربي.

واستغرب حمدان، من عودة الحكومة للحوار والحديث مع النقابات المهنية والموافقين على قانون الضمان في صيغته الحالية، والحديث عن التعديلات، قائلاً: "هذا استخفاف بعقول الناس، ومطلبنا دستوري قانوني إسقاط قانون الضمان".

من جهته، أكد التجمع الإسلامي النقابي (تآلف) أنه ينظر باستغراب كبير للتجاوزات القانونية التي تقوم بها حكومة الحمد الله في إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، والتي كان آخرها قرار تعيين رئيس هيئة التقاعد الحكومي ماجد الحلو مديراً عاما لصندوق الضمان، واصفا ذلك القرار بالتعدي الصارخ على قانون المؤسسة والذي ينص على استقلاليتها ويعطي حق التنسيب فقط لمجلس إدارتها.

واعتبر التجمع في بيان له أن هذا القرار يثبت سعي الحكومة لبسط سيطرتها على مؤسسة الضمان، موضحاً أن تطبيق هذا القانون ينسجم مع المساعي الحثيثة لجباية الأموال من جيوب الفقراء دون النظر للواقع الاقتصادي المتردي وازدياد نسبة الفقر والبطالة، مما يزيد من تخوفات المواطن على قوته ويعزز مشروعية مطالب الجماهير واحتجاجها على القانون.

كما شدد التجمع على موقفه باعتبار هذا القانون غير صالح للتطبيق نظرا للكثير من الثغرات والتناقضات التي تعتري صيغته الحالية، لافتا إلى أن خطوة الحكومة الأخيرة دليل جديد على استفرادها بالقرارات المصيرية للمواطن الفلسطيني، والتي ستؤدي لإهدار حق العامل، وزيادة نسب الفقر والبطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية.

وثمن التجمع الحراكات الشعبية الرافضة لسياسات فرض القوانين بالإكراه، داعيا إلى تفعيل دور المؤسسات المخولة بسن القوانين والتشريعات وعدم استفراد السلطة التنفيذية بالقرارات المصيرية لأنها تمس شريحة العمال بشكل مباشر، مما يؤثر على القضية الفلسطينية برمتها ويحد من قدرة العامل الفلسطيني على الصمود، كما وسيزيد الضغوط على هذه الشريحة والتي تشكل النسبة العظمى من النسيج المجتمعي.

ويواصل آلاف العمال والموظفين حراكهم ضد تطبيق القانون منذ ثلاثة أشهر، وسط حالة من الاحتجاج تشهدها جميع محافظات الضفة، إذ تصاعدت حدة الاحتجاجات في محافظات الضفة الغربية، والرفض الكبير والواسع من المؤسسات الأهلية والمجتمعية والحقوقية واتحادات العمال والنقابات والشركات والمؤسسات الخاصة لتنفيذ القانون.