فلسطين أون لاين

​"مواجهة نوفمبر"..من فشل الاحتلال أمنيًا لهزيمته عسكريا

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

قوة احتلالية خاصة متسللة في المناطق الشرقية لخانيونس جنوب قطاع غزة، اكتشفتها قوة أمنية تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، حيث ثبتت المركبة المدنية التي استخدمتها القوة الاحتلالية للتحقق منها.

وحضر إلى المكان القائد الميداني في "القسام" نور بركة للوقوف على الحدث، وفي إثر انكشاف قوة الاحتلال بدأ مقاتلو الكتائب بالتعامل معها ودار اشتباك مسلح أدى إلى استشهاده والمقاتل القسامي محمد القرا؛ بحسب بيان "للقسام".

وارتقى في أثناء المطاردة والاشتباك المباشر أربعة مقاتلين آخرون من "القسام" وآخر من ألوية الناصر صلاح الدين.

كتائب القسام أعلنت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن إفشال مخطط إسرائيلي عدواني كبير شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة.

وقالت "القسام" في بيان صحفي إن "العدو خطط وبدأ بتنفيذ عملية من العيار الثقيل كانت تهدف إلى توجيه ضربة قاسية للمقاومة داخل قطاع غزة".

استهداف الحافلة

عصر اليوم المذكور، استهدفت كتائب القسام حافلة كانت تقل جنود جيش الاحتلال في منطقة أحراش "مفلاسيم" شرق جباليا شمال القطاع، عبر صاروخ موجه من نوع "كورنيت" ردا على الجريمة الاحتلالية.

بداية الفيديو الذي نشرته المقاومة لاستهداف حافلة الجنود، أظهر صور مركبات ربما لقيادات جيش الاحتلال، وأخرى لمجموعة من الجنود، لكنها اختارت استهداف الحافلة، مما يدلل أنها أخذت الفرصة الكافية في الرصد، والسيطرة في الميدان، ويظهر حجم الانتظام بين قيادة غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة والمقاومين المنفذين للعملية.

مثلت عملية الاستهداف مفاجأة لقيادات جيش الاحتلال الأمنية والعسكرية بشكل وأسلوب العملية التي جاءت مخالفة لتوقعاتهم اقتصار رد المقاومة على رشقات صاروخية.

لم تقتصر الأمور عند هذا الحد بعد استهداف الحافلة، اذ نشرت المقاومةتفاصيل عملية "كمين العلم" التي نفذتها ألوية الناصر صلاح الدين في فبراير/ شباط 2018 على السياج الاحتلالي الفاصل شرق قطاع غزة، أسفرت عن مقتل وإصابة ستة جنود في جيش الاحتلال ممن كانوا في محيط العملية.

وحتى مساء اليوم التالي 13 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت تدور مواجهة عسكرية بين المقاومة والاحتلال لا سيما بعد قصف الأخير منازل ومؤسسات مدنية فلسطينية، فيما كان رد المقاومة هو الأكثر كثافة خلال 40 ساعة.

قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي العديد من المباني المدنية في قطاع غزة بعشرات الصواريخ من الطائرات الحربية، من أبرزها مقر فضائية الأقصى، وعمارة الرحمة بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة، وعمارة "اليازجي" وهما مبنيان يأويان العشرات من العائلاتالمدنية الفلسطينية.

في حين أطلقت المقاومة الفلسطينية أكثر من 400 صاروخ على مستوطنات ومواقع محاذية للقطاع، أدت إلى مقتل إسرائيليين، وإصابة أكثر من 90 آخرين.

رد المقاومة على تصعيد الاحتلال بكثافة صاروخية غير مسبوقة أعطى مؤشرا بامتلاكها ترسانة لا يمكن الاستهانة بها مع تطور قدراتها التدميرية عن السابق.

كذلك، علق الاحتلال الدراسة في جميع مدارس المستوطنات والمدن المحتلة القريبة من غزة.

وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية، على موقعها الإلكتروني، أن جيش الاحتلال دعا كل المستوطنين في جميع مناطق المستوطنات المحاذية لغزة للتوجه إلى الملاجئ.

الناطق الرسمي باسم "كتائب القسام""أبو عبيدة" قال: إن "مدينة المجدل المحتلة دخلت دائرة النار، رداً على قصف المباني المدنية في غزة، مهدداً بأن أسدود وبئر السبع ستكونان الهدف التالي إذا تمادى الاحتلال الإسرائيلي في قصف المباني المدنية الآمنة".

مفاجآت لم تكشف

ومع بسالة المقاومة الفلسطينية في صد العدوان، حسب مراقبين، فإن الكثير من القدرات و"المفاجآت" لم تكشفها بعد، موضحين أنها بعثت رسائل عسكرية وسياسية تدلل على امتلاكها قوة كبيرة، إذ أطلقت في غضون يومين مئات الصواريخ التي كبدت الاحتلال خسائر متعددة.

وأظهرت تلك الصواريخ، دقة إصابة عالية وقدرات تدميرية أكبر من السنوات السابقة عجزت القبة الحديدية للاحتلال عن التصدي لها، وقد ظهرت قيادة المقاومة قوية وموحدة ومتماسكة، ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مع تحقيق الأخيرة إنجازات كبيرة، كشفت عن عناصر قوة تمتلكها مقابل ضعف يسود الاحتلال، وينبئ بوجود تغيير كبير في ميزان القوى لمصلحة المقاومة.

وأسفرت جهود مصرية في 13 من الشهر نفسه، إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال.

وأكدت غرفة العمليات المشتركة للمقاومة في بيان لها أن جهود مصرية "مقدرة" أسفرت عن تثبيت وقف إطلاق النار، مشددةً على أن المقاومة ستلتزم بهذا الإعلان طالما التزم به الاحتلال الإسرائيلي.

أولى التداعيات السياسية لهذه الجولة التي انتهت لصالح المقاومة الفلسطينية، كانت باستقالة وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان.

حالة إرباك داخلية شهدتها الساحة الإسرائيلية على المستويين السياسي والشعبي بعد المواجهة، إذ لأول مرة يجوب الإسرائيليون وسط (تل أبيب) والمستوطنات المحاذية لغزة لمطالبة رئيس حكومة الاحتلال بالاستقالة بعد جولة التصعيد الإسرائيلي الأخيرة ضد قطاع غزة.

إذ أحدثت جولة التصعيدفجوة سياسية بعد استقالة ليبرمان، وقادت لتطورات في الخريطة السياسية الإسرائيلية من بينها الذهاب إلى انتخابات مبكرة.

ونشرت كتائب القسام، صورًا لعدد من أفراد القوة الإسرائيلية الخاصة التي حاولت تنفيذ مخطط أمني خطير في قطاع غزة.

وعلى إثر ذلك قرر قائد أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي آيزنكوت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني تشكيل لجنة تحقيق عسكرية، للوقوف على أسباب فشل عملية خانيونس الأمنية.

الخبير العسكري يوسف الشرقاوي رأى أن الاحتلال هدف من خلال عملية التسلل الفاشلة لإعادة ترميم سرية هيئة الأركان (سيريت متكال) للعمليات الخاصة التي قادها في فترات سابقة رئيس الأركان السابق موشيه يعلون وإيهود باراك، لكن المقاومة أفشلت العملية ومخططات كبيرة كان يسعى الاحتلال لتحقيقها، وكان للفشل تداعيات منها استقالة ليبرمان، والذهاب لانتخابات مبكرة، وحل "الكنيست".

وقال الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": انتهت المواجهة العسكرية الأخيرة لصالح المقاومة واثبتت أنها قادرة على تثبيت قواعد الردع حسب رؤيتها الاستراتيجية.

ولفت إلى أن الاحتلال حاول الإخلال بقواعد الاشتباك، وإنتاج قواعد لصالحه، لكنه فشل وأثبتت المقاومة أنها قادرة على إنتاج قواعد جديدة "القصف بالقصف"، وباتت تتحدث بنبرة تهديد عالية، وكشف صاروخ المقاومة الذي سقط على منزل بعسقلان عن قدرات كبيرة تمتلكها المقاومة.