بدأت الحملة الانتخابية الإسرائيلية مبكرا من خلال بدء تشكيل أحزاب جديدة، ودخول نجوم جدد على حلبة السباق الانتخابي، رغم أن ما بات يميز هؤلاء المتنافسين، انتماؤهم السابق للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، مما يطرح مجددا علاقة السياسي بالعسكري في (إسرائيل)، ومن يحكم من، وكيف يتم صناعة القرار السياسي بنكهة عسكرية، أو العكس.
تبدو اليافطات الانتخابية والبرامج الحزبية مزدحمة هذه الدورة بالمفردات العسكرية والمصطلحات القتالية والكلمات الحربية، في ظل اقتحام جنرالات الجيش لميادين السياسة والعملية الانتخابية، ربما تكون أكثر من أي دورة أخرى خلال السنوات الأخيرة، وهي ظاهرة بحاجة لمزيد من الدراسة والتحليل.
لا بأس من استعراض سريع لأهم الأسماء التي ترى في نفسها مؤهلة أكثر من سواها، وهم ممن خلعوا بزتهم العسكرية للتو، ومن أبرزهم: موشيه يعلون، بيني غانتس، يوآف غالانت، غال هيرش، وربما يدخل إيهود باراك، ومن يعلم فقد يجد غابي أشكنازي، منخرطا في حلبة السباق الانتخابي، ولو في مرحلة متأخرة، الأمر الذي سيعطي النقاش العسكري أولوية على سواه من القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
نستذكر في هذه الدورة الانتخابية أسماء جنرالات إسرائيليين كثر، شكلوا غزواً للميدان السياسي، من أبرزهم: إسحاق رابين، أريئيل شارون، شاؤول موفاز، رفائيل إيتان، وغيرهم الكثير.
ما يهمنا في هذه السطور، أن طغيان اللون "الكاكي" على قوائم المرشحين للانتخابات الإسرائيلية، سوف يجعل من الدعاية الانتخابية ميدانا لاستعراض العضلات العسكرية أمام بعضهم البعض، ومزاودة تبدأ ولا تنتهي على مواقف الحكومة الإسرائيلية الحالية، في مختلف الجبهات التي تشهد توترات أمنية، تزداد وتنخفض، كل على حدة.
غزة بالذات، دون سواها من الجبهات، ستكون مساحة واسعة من توجيه اتهامات المرشحين العسكريين ضد الحكومة الحالية، سواء في ظل الفشل بمواجهة مسيرات العودة من جهة، أو تنامي قدرات المقاومة بصورة لا تخطئها العين الإسرائيلية من جهة ثانية، وصولا لنتائج المواجهة العسكرية الأخيرة في نوفمبر التي انتهت بتفوق فلسطيني من جهة ثالثة.
ربما لا يمتلك المرشحون العسكريون الإسرائيليون وصفة سحرية لحل معضلة غزة، دون أن يمنعهم ذلك من "الحديث في الوسع"، عن تراجع قوة (إسرائيل) الردعية، وعدم القدرة على إخضاع حماس، وظهور الجيش مكبل الأيدي بسبب قرارات الحكومة، لكنهم في المقابل سيبقون ممتنعين عن توجيه أي نقد للمؤسسة العسكرية، لأنهم أبناؤها وروادها وقادتها، وهل يخطئ أحدنا نفسه، على الأقل في العلن؟ قلما يحدث ذلك، لاسيما في مواسم البازارات الانتخابية.
سيكون الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية مادة ملازمة للمرشحين العسكريين الإسرائيليين في دعاياتهم الانتخابية، بين متهم للحكومة الحالية بتسجيل نقاط ضعف، ومنح الفلسطينيين نقاط قوة، مع عرض برامج انتخابية "دعائية" قد لا تكون مرشحة للتطبيق في ظل تعقيدات الائتلافات الحكومية القادمة.