تعكس مطالبة الاحتلال الإسرائيلي من الاتحاد الأوروبي بوقف تمويل المنظمات التي تدعو إلى مقاطعته، وتشكيله "شبكة محامين دولية" لمحاربتها، حجم قلقه من تنامي واتساع دور وتأثير حملات المقاطعة في العالم الغربي، وفق مراقبين.
ومع أن الاتحاد الأوروبي نفسه متورط بجرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، وفق مسؤولين بحملة المقاطعة العالمية للاحتلال "BDS"، تحدثوا لصحيفة "فلسطين"، كون سياسة الاتحاد تعارض المقاطعة، وتسمح بالتجارة الحرة الاحتلال، وصفقات بيع السلاح.
إلا أن الاحتلال يريد المزيد من التورط، وهو ما يعكس استشعاره بالخطر الإستراتيجي الذي تشكله الحملة، ومؤشر على النجاحات التي حققتها حملة المقاطعة في تحشيد الدعم الدولي لمقاطعة الاحتلال اقتصاديًا وأكاديميًا وثقافيًا، وإفشال الكثير من صفقات بيع السلاح.
ووفقًا لقناة "أي 24 نيوز" العبرية، فإن "وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي غلعاد أردان، المكلّف بمكافحة مقاطعة (إسرائيل) بعث برسالة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، الخميس الماضي، طالبه خلالها بتنفيذ توصيات المحكمة الأوروبية، ووقف التمويل عن المنظمات التي تدعو إلى مقاطعة (إسرائيل)".
وأضافت القناة أن "المحكمة الأوروبية أصدرت الأربعاء قبل الماضي تقريرًا شاملًا حول تمويل الاتحاد الأوروبي، للمنظمات غير الحكومية، مشيرة إلى أن الطريقة الحالية لتعريف هذه المنظمات، غير موثوقة، ومحذرة من أن المجلس الأوروبي، لا يمتلك معلومات كافية ومفصّلة، حول الطريقة التي تستغل بها هذه المنظمات، الأموال الممنوحة".
ومن جهة ثانية، قررت وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية تشكيل "شبكة محامين دولية" ورصد ميزانية خاصة لتمويل منظمات قانونية في أنحاء العالم، بهدف محاربة حركة مقاطعة (إسرائيل) بغية شلها وجعلها تدافع عن نفسها في عدة ساحات قضائية وجماهيرية.
وقالت الوزارة في بيان، إنها ستتوجه إلى "الهيئة القانونية الدولية"، التي تقيم علاقات مع نحو ألف محامٍ في أنحاء العالم، مشيرةً إلى أن الهيئة ستشكل طاقمًا مهنيًّا يعمل مع شبكة المحامين بهدف توسيعه وتعزيزه وإيجاد شركاء محتملين في دول مختلفة.
محاولة إجهاض
وعدّ منسق عام اللجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال في فلسطين، محمود نواجعة، الطلب الإسرائيلي جزءًا من محاولة إجهاض المقاطعة، ومؤشرًا على نجاحها الحملة، وحالة الرعب والهلع لدى حكومة الاحتلال.
وقال نواجعة لصحيفة "فلسطين": إن "كل الإجراءات الإسرائيلية لم تثنِ حركة المقاطعة عن نشاطها ولم توقفها"، عادًّا محاولة الضغط على الاتحاد الأوروبي تدخلًا في شؤون الاتحاد وتعديًا على سيادة دوله.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي متورط في جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، لأنه لا يقوم بوقفها، ومتورط باتفاقيات تعاون عسكري وتجارة حرة مع (إسرائيل)، مشيرًا إلى أن الاحتلال يطالب الاتحاد بمزيد من التورط.
واستدرك: "لكن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع الضغط على مؤسسات ضخمة تدعم حركة المقاطعة مثل المؤسسات النرويجية، لأنه سيصطدم بالبعد الشعبي لدى هذه الدول، ومثل هذه المطالبات تخالف القانون لكون حركة المقاطعة جزءًا من حرية التعبير.
وعن تجنيد الاحتلال ألف محامٍ لملاحقة حملة المقاطعة، قال نواجعة: إن الاحتلال منذ عام 2013م بذل جهودًا كبيرة لملاحقة الحملة "لكنه فشل".
وأضاف أنه عندما أقرت الحكومة البريطانية قرارًا سابقًا بمحاكمة من يدعم الحملة، أُفشل القرار من خلال المحكمة العليا البريطانية، واليوم اتحاد الحريات بأمريكا يرفع دعوى قضائية ضد ولاية "تكساس" الأمريكية بسبب إقرارها قانونًا ضد حركة القاطعة.
ونبه إلى أن حجم تأثير الحملة كبير على الاحتلال اقتصاديًا وأكاديميًا، بفرض ملامح عزلة عليه، مبينًا أن أكثر ما يزعجه المقاطعة الأكاديمية والثقافية التي اتسعت بشكل كبير على مستوى العالم، وإفشال عدد من صفقات بيع الأسلحة.
من جانبه، يعتقد نائب رئيس حملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا د. كامل الحواش، أن مطالبة الاحتلال للاتحاد الأوروبي يؤكد أن حملات المقاطعة مقلقة له، معربًا عن أمله بأن يرفض الاتحاد التدخل "السافر" من الاحتلال.
وقال الحواش لصحيفة "فلسطين": إن "الحملة العالمية لمقاطعة الاحتلال حملة أخلاقية وقانونية تطالب بإنهاء الاحتلال وبحق عودة اللاجئين"، مؤكدًا أن هذه المطالب مشروعة من المفترض أن تدعمها كل الدول التي تتغنى بالديمقراطية.
وذكر أن اتهام الاحتلال للاتحاد الأوروبي بأن تمويله للمنظمات غير الحكومية يذهب لمنظمات إرهابية، أثار غضب الاتحاد، خاصة أن (إسرائيل) لم تثبت بالدليل ما تدعيه.
وأشار إلى أن شعوب العالم تؤمن بالضغط السلمي على الاحتلال لوقف انتهاكاته بحق الفلسطينيين، لكن في الواقع الكثير من الحكومات تدعم الاحتلال دعمًا مطلقًا.
واستبعد الحواش نجاح الاحتلال بالضغط على الاتحاد الأوروبي لمحاربة المنظمات الحقوقية، لافتًا إلى نموذج البرلمان الإيرلندي الذي يدرس إصدار قرار بمقاطعة كل بضائع المستوطنات الإسرائيلية، ونجاح هذه التجربة قد ينقلها إلى دول أخرى.
وبين أن حملة التضامن في بريطانيا تتواصل مع البرلمان للاقتداء بالبرلمان الإيرلندي.